للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعباء هذه المحسنات، من مثل قول السراج صاحب الحلل السندسية مهنئا محمدا الرشيد بجلوسه على أريكة الولاية (١):

أمير السعادة يهنيكم ... شباب الولاية بعد المشيب

وأيام ملكك ألبستها ... على العز ثوب الجمال العجيب

مليك يخال سنا وجهه ... ضحى الشمس من فوق غصن رطيب

فقد ردّ إلى الولاية شبابها وألبسها ثوب الجمال العجيب، وكأنما سنا وجهه ضحى الشمس من فوق غصن رطيب. وهو مجرد كلام وليس فيه رصانة التعبير ولا دقة المعانى ولا دقة التصوير، إنه مجرد كلام منظوم على وزن وقافية. وبنفس الأسلوب يهنئ حمودة بن عبد العزيز محمدا الرشيد باى حين استولى على صولجان الحكم قائلا (٢):

الآن قد وافى الأمير وطاب لى ... زمن الحسينى أن أبيت مسهّرا

الأروع الملك الرشيد محمد ... أعلى الملوك ذرا وأطيب عنصرا

وأجلّ من جلّى الخطوب وقد دجت ... ليلا وأفضل من يقود العسكرا

بذل النّوال كما استهلّت ديمة ... وبكفه سيف يريك تسعّرا

والأبيات ليس فيها روح وبعض ألفاظها قلق ولا يكاد يستقر فى موضعه على نحو ما يتضح فى كلمة «مسهرا» فى البيت الأول وكلمة «تسعرا» فى البيت الرابع، وبدلا من أن يبيت هانئا لاعتلاء محمد الرشيد باى منصة الحكم يبيت مسهدا. وخير من هذين الشاعرين الطوير القيروانى فى تهنئته لعلى باى الثانى حين انتصر على بعض خصومه وأذاقهم وبال عصيانه مستهلا تهنئته الطويلة بقوله (٣):

فتح ونصر وإسعاد وإقبال ... لمن له خضعت صيد وأقيال (٤)

ومن له همّة شمّاء قد سحبت ... لها على الفلك الدوار أذيال (٥)

ومن سريرته طابت وسيرته ال‍ ... ‍غرّاء سارت بها فى الفلك أمثال

علىّ بن حسين من له فخر ... على الملوك وإعظام وإجلال

والقصيدة بها شئ من الرصانة يحول بينها وبين السقوط كسابقتها، وإن كانت لا تستمر فى


(١) الأدب التونسى فى العهد الحسينى ص ٤٠.
(٢) نفس المصدر ص ٤٥.
(٣) الأدب التونسى فى العهد الحسينى ص ٤٥.
(٤) صيد: جمع أصيد: السيد الشريف، أقيال: جمع قيل: ملك.
(٥) شماء: سامية.

<<  <  ج: ص:  >  >>