للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفى مقدمة تفسير الطبرى عن ابن مسعود: «كان الرجل منا إذا تعلّم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن». ويتضح من نص الآية الكريمة الثانية أنه سمح لأولى العلم بالدين وأصوله من الصحابة أن يفسّروا للناس آى الذكر الحكيم، وهم الذين يسميّهم الله عز وجل باسم الراسخين فى العلم.

ويحدثنا السيوطى فى كتابه «الإتقان (١)» أنه استطاع أن يجمع أكثر من عشرة آلاف حديث من تفاسير النبى صلى الله عليه وسلم والصحابة وأن يدوّنها فى كتاب له بعنوان «ترجمان القرآن». وقد اختصره فى كتاب طبع فى ستة أجزاء سمّاه «الدر المنثور فى التفسير بالمأثور». ويقول إنه اشتهر بالتفسير من الصحابة عشرة هم الخلفاء الراشدون وابن مسعود وأبىّ بن كعب وزيد بن ثابت وأبو موسى الأشعرى وعبد الله بن الزبير وابن عباس (٢)، ويصرّح بأن الرواية عن أبى بكر وعمر وعثمان نزرة، أما على فقد روى عنه كثير. والآثار المروية عن زيد ابن ثابت قليلة، وكذلك عن أبى موسى الأشعرى وابن الزبير. أما أبىّ فله سند فى الطبرى عن طريق أبى العالية، وعاش ابن مسعود بعده مدة طويلة كوّن فى أثنائها مدرسة فى الكوفة حملت عنه تفسيرا كثيرا، وسنده الجيّد هو السّدّى الكبير عن مرّة الهمدانى. وما نسب إلى كل السابقين من تفسير لا يقاس إلى ما نسب لابن عباس، فهو أكثر الصحابة تفسيرا. وقد حمل تفسيره كثيرون من التابعين أمثال مجاهد وعطاء وعلى بن أبى طلحة. وهو يعدّ المؤسس الحقيقى لعلم التفسير فهو الذى نهجه ووضع أصوله، واشتهر بأنه كان يرجع إلى أهل الكتاب فى قصص الأنبياء، وأنه كان يعتمد على الشعر القديم فى تفسير بعض الألفاظ (٣). وقد حمل ابن جرير الطبرى فى تفسيره الكبير ما أثر عنه وعن الصحابة الأولين من تفسير الذكر الحكيم، وكذلك حمل كل ما أضافته الأجيال التالية لعصر الصحابة فى تفسير هذا النبع الإلهى الذى لا تفنى كنوزه.


(١) انظر النوع الثامن والسبعين فى هذا الكتاب.
(٢) راجع النوع الثمانين.
(٣) انظر فى ابن عباس ودوره فى التفسير كتاب مذاهب التفسير الإسلامى لجولد تسيهر (ترجمة عبد الحليم النجار) ص ٨٣ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>