العرب وعشائرها ينزل بين قبائل البجّة فى شرقى السودان واسلمت منها قبيلة الحدارب كما ذكر ذلك المسعودى فى القرن الرابع الهجرى، وظل الإسلام-ومعه العربية-ينتشر فى قبائل البجّة ببطء، وبالمثل فى بلاد النوبة. أما فى الغرب فكان التعرب سريعا بفضل الكتلة الضخمة من قبائل زواوة البربرية وشاوة العربية النازلة فى دارفور بالقرن الخامس الهجرى. ونشرت دولة الفونج العربية فى ربوعها، وبالمثل مملكة تقلى فى جبال النوبا وسلطنة دارفور وفى كردفان. ولا نصل إلى أوائل القرن التاسع عشر الميلادى حتى يكون السودان تعرّب ما عدا بعض الجبال الشاهقة فى أقصى الغرب ومنطقة الغابة فى الجنوب وقبيلة الأمرأر البجاوية. وعرضت شعراء المديح وترجمت للشيخ حسين زهراء والشيخ محمد عمر البناء، وشعراء الفخر والحماسة وترجمت للشيخ يحيى السلاوى السودانى ولعثمان هاشم، كما عرضت شعراء رثاء الأفراد وترجمت للشيخ محمد سعيد العباسى وبالمثل شعراء رثاء المدن. وتحدثت عن شعراء الغزل وترجمت للشيخ أبى القاسم أحمد هاشم، وعن شعراء النقد العنيف والشكوى من الزمن، وترجمت للشيخ عبد الله البناء وصالح عبد القادر، وعرضت شعراء التصوف وشعراء المدائح النبوية، وترجمت للشيخ عمر الأزهرى والشيخ عبد الله الرحمن. ولم أؤرخ للنثر الأدبى السودانى قبل العصر الحديث إذ تكثر فيه الألفاظ العامية فى عصر الفونج، وكتبت بعض رسائل فصيحة فى القرن التاسع عشر، ولكنها من القلة بحيث لا تتيح لباحث دراسة خصبة فيها. وقد تأخرت نهضة النثر السودانى حتى عصر السودان الحديث إذ نشأت فيه المقالة الأدبية والأقصوصة والقصة والمسرحية.
ومصادر ومراجع كثيرة قديمة وحديثة أفدت منها فوائد شتى فى تأليف هذا الجزء، وخاصة ما كتبه الأعلام المعاصرون فى كل بلدة من البلدان عن الحياة الأدبية فيه، إذ كان لى منارات تهدينى الطريق. وبذلك انتهت هذه السلسلة المستوعبة بأجزائها العشرة دراسة تاريخ الأدب العربى وأعلامه من الشعراء والكتاب قبل العصر الحديث، وعنيت بأن أعرض لكل أديب روائع أدبه. وذكرت بجانب ذلك أعلام الفلسفة والعلوم المتنوعة من علوم الأوائل والعلوم الإسلامية وعلوم العربية والتاريخ فى كل بلد عربى على مر الزمن. وبذلك تحمل هذه الموسوعة تاريخ الأمة العربية الأدبى والفلسفى والعلمى والحضارى قبل العصر الحديث، مبتغيا بذلك خدمة العروبة والإسلام، والله ولى الهدى والتوفيق.