وحملت رأسه إلى حنظلة فخرّ لله ساجدا. وقتل الوليد بن يزيد الخليفة الأموى سنة ١٢٦ فأحسّ عبد الرحمن بن حبيب حفيد عقبة بدنوّ أجل الدولة الأموية فأعلن الثورة سنة ١٢٧ هـ/٧٤٤ م وكان حنظلة تقيا فكره أن يتقاتل المسلمون وعاد إلى المشرق. ولما أصبح صولجان الخلافة بيد مروان بن محمد سنة ١٢٩ هـ/٧٤٦ م أقر ولاية عبد الرحمن بن حبيب على المغرب درءا للفتن هناك، ولأنه أعلم من غيره بشئونها إذ هى داره ودار جده عقبة بن نافع، وثارت الإباضية بطرابلس سنة ١٣٠ بقيادة عبد الله بن مسعود التجيبى وأخمد الثورة، وبايع الإباضية هناك الحارث بن تليد بالإمامة واتخذ عبد الجبار بن قيس المرادى وزيرا له ومستشارا، وأدارا الحرب مع جيوش عبد الرحمن واغتيلا سنة ١٣٢ هـ/٧٤٩ م. وفى نفس السنة تحولت الخلافة إلى العباسيين فأقروا عبد الرحمن بن حبيب فى ولايته، وسمع بتجمع للصفرية بتلمسان فى الجزائر سنة ١٣٥ ففاجأهم وكتب له النصر عليهم. وأرسل حملة إلى صقلية رجعت بكثير من الغنائم، واستولى على جزيرة قوصرة التى تبعد عن الشاطئ التونسى نحو ثلاثين ميلا، وتنازل عنها- فيما بعد-أبو زكريا مؤسس الدولة الحفصية بتونس لفردريك الثانى إمبراطور الدولة الرومانية المقدسة «ملك صقلية» سنة ٦٢٨ هـ/١٢٣٠ م. وتآمر على عبد الرحمن أخواه إلياس وعبد الوارث فقتلاه سنة ١٣٧ وتولى بعده إلياس، وقتله ابن أخيه: حبيب بن عبد الرحمن وتولّى مكانه، ولم تلبث قبيلة ورفجومة النفزاوية الصفرية الغالية أن هاجمته واستولت على القيروان واستباحتها سنة ١٣٨ هـ/٧٥٥ م وحاول حبيب أن يستردها سنة ١٤٠ هـ/٧٥٧ م ففتكت به ورفجومة. وكانت قد استحلت المحارم فى القيروان فغضب لأهلها أبو الخطاب عبد الأعلى إمام الإباضية بطرابلس وجبل نفوسة، فهاجم ورفجومة وخلّص منها القيروان سنة ١٤١ هـ/٧٥٨ م وولّى عليها عبد الرحمن بن رستم أحد قواده، ولم يلبث محمد بن الأشعث والى مصر أن قدم على رأس جيش ضخم، فاشتبك مع أبى الخطاب فى معركة ضارية قتل فيها أبو الخطاب، وفرّ واليه على القيروان عبد الرحمن بن رستم إلى الزاب فى الجزائر وأسس فى شمالية دولة للإباضية بمدينة تاهرت ظلت بعده حتى سنة ٢٩٦. وولّى ابن الأشعث على الزاب الأغلب بن سالم التميمى ولم يلبث أن تولّى على المغرب الأدنى سنة ١٤٨ هـ/٧٦٢ م ويقتل فى بعض حروبه سنة ١٥٠ هـ/٧٦٧ م ويتولى على المغرب عمرو بن حفص المهلبى (هزار مرد) بانى طبنة بالزاب، ونازل فى الجزائر الصفرية والإباضية بتاهرت، وثارت عليه إباضية طرابلس وحاصرت القيروان وخرج إليها واستشهد فى المعركة سنة ١٥٣ هـ/٧٧٠ م. وخلفه ابن عمه بزيد بن حاتم المهلبى سنة ١٥٤ ويقول عنه الرقيق القيروانى: «كان كثير الشّبه بجدّه المهلب فى حروبه ودهائه وكرمه وسخائه وكان خبيرا بشئون الإدارة فرتّب القيروان وسوقها، كما كان خبيرا بشئون السياسة والحرب، فقلم أظفار الصفرية فى الجزائر ولم يعد لهم نشاط إلا فى ديار زنانة بالصحراء، وقلّم بالمثل أظفار الإباضية، فلم يعد لهم نشاط إلا فى تاهرت وجبل نفوسة،