على تلمسان فأخذ يعمل على الاستقلال ببلده عن الموحدين، غير أنه توفى سريعا، وخلفه بعض أفراد من أسرته، وصارت سنة ٦٣٣ هـ/١٢٣٦ م إلى يغمراسن فأعلن استقلاله عن الموحدين، ونصّب نفسه أميرا للمسلمين، وسيّر إليه أبو زكريا الحفصى أمير إفريقية التونسية والجزائر الشرقية جنده فأعلن له الولاء، وعاد بجنده. وزحف إليه السعيد الموحدى سنة ٦٤٦ هـ/١٢٤٨ م وانتصر عليه يغمراسن. ونشبت بينه وبين قبيلة المعقل وغيرها من القبائل الصحراوية حروب كثيرة، وجعل بينه وبينها قبيلة بنى عامر لتدرأ خطرها، وواقع مرارا بعض أعمال تلمسان فى غربى الجزائر، وتوفى سنة ٦٨١ هـ/١٢٨٢ م بعد أن ثبّت فى تلمسان دعائم الملك لأبنائه. وخلفه ابنه أبو سعيد عثمان، وقد وسّع أطراف مملكته فى غربى الجزائر حتى جبال ونشريس ومدينة المدية فى الأطلس التلى جنوبى مدينة الجزائر ومدينة تنس على الساحل غربى شرشال. وغزا تلمسان لعهده سلطان الدولة المرينية يوسف خمس مرات هزم فى أربع منها وفى الخامسة حاصر تلمسان سنة ٦٩٨ هـ/١٢٩٨ م وظل محاصرا لها ثمانى سنوات وثلاثة أشهر، ومات أبو سعيد فى الحصار كمدا سنة ٧٠٣ هـ/١٣٠٣ م وأعقبه ابنه أبو زيان وتوفى كمدا مثله سنة ٧٠٧ هـ/١٣٠٧ م وفى نفس السنة توفى السلطان المرينى يوسف وفكّ المرينيون الحصار عن تلمسان، وكان وليها أبو حمو موسى الأول فاشتغل بتثبيت ملكه وغزا غربى الجزائر واستولى على مليانة ومدينة الجزائر وسهل متيجة جنوبيها وكاد يستولى على بجاية وقسنطينة واغتيل سنة ٧١٨ هـ/١٣١٨ م وخلفه ابنه أبو تاشفين، وكان مولعا بتشييد القصور ونزل قسنطينة وأفسد الزرع، واستولى على بجاية من الدولة الحفصية مما جعل سلطانها يطلب العون من بنى مرين أصهاره فتشفّع له سلطانهم أبو الحسن، فرد أبو تاشفين رسله إليه أسوأ رد. فحاصر تلمسان، وبنى أمامها مدينة غربيها لسكناه سماها المنصورة وضيّق عليها الحصار وشدّ الخناق سنتين حتى دخلها عنوة سنة ٧٣٧ هـ وقاتل أبو تاشفين وأبناؤه دونها وقتلوا جميعا، وبذلك انتهت دولة بنى عبد الواد الأولى بتلمسان بعد أن حكمتها مائة عام ونيفا.
وأخد أبو الحسن المرينى يستولى على بعض البلدان فى غربى الجزائر. وفى سنة ٧٤٨ عين ابنه أبا عنان على تلمسان وما صار إليه من بلدان الجزائر، وزحف شرقا إلى تونس واستولى عليها من السلطان الحفصى وظل بها ما يقرب من سنتين، وعصته القبائل العربية فى تونس ونازلته وهزمته، وجاءته أخبار بأن أبا عنان ابنه غادر تلمسان إلى فاس العاصمة ودعا لنفسه فيها فبارح تونس سريعا إلى فاس، وفى هذه الأثناء انتهز أميران من الأسرة الزيانية الفرصة هما: أبو سعيد وأبو ثابت واستوليا على تلمسان سنة ٧٤٩ واشتركا فى حكمها، حتى إذا كانت سنة ٧٥٣ نازلهما السلطان المرينى أبو عنان واستولى منهما على تلمسان، ونرى الشاب الزيانى أبا حمو موسى الثانى يفر إلى تونس ويكرمه سلطانها ووزيره ابن تافراكين. وفى سنة ٧٦٠ هـ/١٣٥٨ م جهّز أبو حمو موسى الثانى جيشا من تونس والجزائر وفتح تلمسان وأخرج