للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يسمونها هيبون ثم أصبحت بونة العربية. وسميت فيما بعد عنابة لكثرة ثمر العناب بها ويجفّف ويصدّر، ويقول ابن حوقل: إنها ذات أسواق حسنة، والأرض المحيطة بها ذات تربة خصبة، وتنتج القمح والشعير والكتان والفواكه والعسل بكثرة، ويقول الحسن الوزان: «الأرض المزروعة خارجها تبلغ أربعين ميلا طولا وخمسة وعشرين ميلا عرضا، وكل الأراضى ممتازة لزراعة القمح، ويملك أهلها من قبيلة مرداس العربية أعداد كبيرة من الأبقار والثيران والأغنام». وإلى الغرب منها ميناء جيجل وأرضها وعرة، كما يقول الحسن الوزان غير صالحة إلا لزراعة الشعير والكتان والقنب، وبها كثير من شجر الجوز والتين. وغربها بجاية وكانت أكبر ميناء فى الساحل الجزائرى، ويقول الإدريسى: الحنطة والشعير موجودان فيها بكثرة والتين وسائر الفواكه. وإلى الغرب منها مدينة الجزائر، وهى ثغر رومانى جدّد بناءه بنو مزغنة، ثم زيرى بن مناد سنة ٣٥٦ للهجرة ويقول الحسن الوزان: «حولها الكثير من البساتين والأراضى المزروعة بأشجار مثمرة ويمر بجوارها من الجانب الشرقى نهر نصبت عليه طواحين، وسهول منطقتها جميلة جدا ولا سيما سهل المتيجة ويبلغ طوله حوالى خمسة وأربعين ميلا بعرض مقداره ستة وثلاثون ميلا حيث ينمو قمح وفير للغاية من أجود الأنواع». وغربيها مدينة شرشال وهى ميناء فينيقى رومانى ويقول الإدريسى: بها مياه جارية وآبار عذبة وفواكه حسنة كثيرة وسفرجل كبير الجرم ذو أعناق كأعناق القرع الصغار وبها كروم وبعض أشجار التين. ويقول الحسن الوزان إنها كانت قد هجرت فى أعقاب الحروب بين ملوك تلمسان وفاس وظلت خاوية خلال مدة تقارب ثلاثمائة عام حتى سقوط غرناطة بأيدى النصارى فى عام ٨٩٧ هـ‍/١٤٩٢ م فقصدها كثير من الغرناطيين (الأندلسيين المسلمين) فأعادوا بناء قلعتها وقسم كبير من منازلها وزرعوا أراضيها. وإلى غربيها مدينة تنيس، وهى ميناء فينيقى قديم، ويقول الإدريسى: بها من الفواكه كل طويفة ومن السفرجل الطيب المعنق ما يفوق الوصف فى صفته وكبره وحسنه، ويقول الحسن الوزان تنتج أرضها الكثير من القمح والكثير من العسل. وكانت قد خرّبت فأعاد إليها مهاجرو الأندلس الغرناطيون العمران والزراعة مثل أختها شرشال. وغربيها مدينة وهران ويقول الإدريسى: «على مقربة منها نهر عليه بساتين وجنات، وبها فواكه كثيرة وأهلها فى خصب، والعسل بها موجود وكذلك السمن والزبدة والبقر والغنم فيها رخيصة وبالثمن اليسير». وكانت وهران قرية صغيرة حتى إذا كانت الهجرة الأندلسية نزلها كثيرون من الغرناطيين وأسسوا وهران الحديثة.

وإذا تركنا مدن الساحل الشمالى إلى ما وراءه وسرنا فيه من الشرق إلى الغرب لقيتنا قالمة جنوبى بونة أو عنابة وهى مدينة فينيقية قديمة، ويقول الأستاذ أحمد توفيق المدنى إنها اشتهرت بتربية نوع من البقر يعد من أجمل أنواع البقر الموجود فى الجزائر، وبه صفات لا توجد فى غيره، ويذكر أنه يوجد بقربها حمام بديع يدعى حمام المسخوطين وبه مياه معدنية تفور من

<<  <  ج: ص:  >  >>