للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بتجارة طيبة لأنهم يستمدون من جبلهم الكثير من الشمع ولديهم كمية كبيرة من الجلود ويقايضون هذه المنتجات بالسلع التى يجلبها الجنويون (تجار جنوة) الذين يترددون على مينائهم». ويقول الوزان عن أهل بونة إنهم يبيعون كمية كبيرة من أقمشتهم الكتانية، ويقول عن أهل سكيكدة إن سكانها يزاولون التجارة بكثرة مع الجنوبين فيقدمون لهم القمح ويأخذون منهم بالمقابل أقمشة ومنتجات أوربية أخرى. ويذكر عن ميناء جيجل غربيّها أنه يوجد به الكثير من شجر الجوز والتين وتنقل ثمار هذا الشجر إلى تونس. وكانت بجاية سوقا تجاريا كبرى، وفيها يقول الإدريسى: «السفن إليها مقلعة، ولها القوافل متجهة، والأمتعة إليها بحرا وجوا مجلوبة، والبضائع بها نافقة، وأهلها يجالسون تجار المغرب الأقصى وتجار الصحراء، وبها تباع البضائع بالأموال المقنطرة». ومن أجل هذه الحركة التجارية الواسعة فيها عقدت الدول البحرية الأوربية مع بجاية فى عصر الدولة الحمادية قديما معاهدات تجارية. ويقول الإدريسى عن ميناء تينس: «به فواكه وخصب وإقلاع وحطّ، وبه الحنطة وسائر الحبوب تخرج منه إلى كل الآفاق فى المراكب». وكان ميناء وهران سوقا كبيرة. ويقول الوزان: كانت وهران مقصد التجار القطالونيين (الإسبان) والجنوبين (الطليان) ولا زال فيها-لعصره فى القرن العاشر الهجرى-بيت يدعى بيت الجنوبين لأنهم كانوا يسكنون فيه. وكانت قسنطينة فى الداخل مركزا تجاريا كبيرا، ويقول الوزان: «فيها عدد كبير من الباعة الذين يزاولون تجارة الأقمشة الصوفية المصنوعة محليا، ويصدر بعض التجار الزيت والحرير وكذلك الأقمشة الكتانية، ويباع كل ذلك بالمقايضة مقابل التمور والعبيد. ويجتمع أهل قسنطينة مرتين فى العام فى قافلة تجارية، ونظرا لكثرة تعرضهم لهجمات الأعراب يصطحبون معهم بعض رماة البنادق من الأتراك الذين ينالون أجرا طيبا على ذلك. ولا يدفع تجار قسنطينة رسم دخول إلى تونس (إذ كانت جزءا من مملكتها) ولكنهم يدفعون عند خروجهم من قسنطينة مقدار اثنين ونصف بالمائة من قيمة بضائعهم». ويقول الحسن الوزان عن تجار تلمسان إن متجرهم إنما هو الرحلة إلى السودان وجلب منتجاته، وبها كما يقول بضعة فنادق من بينها اثنان لسكن التجار البنادقة والجنوبين.

ولإتمام بيان وجوه المعيشة والكسب فى الجزائر كان كثير من سكان المدن الشمالية الساحلية يشغلون أنفسهم بصيد السمك والحيتان من البحر المتوسط ويقول الحسن الوزان عن أهل دليس إنهم يصيدون بالشباك الكثير منه وينطبق ذلك على أهل الموانى الشمالية جميعا. واشتهرت مدينة القالة المسماة قديما بمرسى الخزر بكثرة ما بساحلها من المرجان، وهو شجر فى البحر لين أبيض اللون، وإذا ضربه الهواء احمرّ وصلب، ويقول الحسن الوزان: ليس لأحد من أهل القالة الحق فى صيده أو التقاطه من الساحل حين تقذف به الأمواج إلى البر لأن سلطان تونس أعطى هذا الساحل بالتأجير إلى أهل جنوة الإيطاليين. وهو تصرف مخطئ لأن ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>