أبى الحسن على بن عبد الله الحسنى الشاذلى المتوفى سنة ٦٥٦ هـ/١٢٥٩ م ولم يكد يدعو إليها فى شاذلة بالقرب من تونس وفى تونس نفسها حتى تكاثر أتباعه فى البلاد المغربية ونزل القاهرة مع تلميذه أبى العباس المرسى، وكتب لطريقته أن تصبح أهم الطرق الصوفية السنية لا فى مصر وحدها، بل أيضا فى الجزائر وجميع البلاد المغربية. ويتكاثر شيوخ الصوفية وزواياهم فى الجزائر منذ القرن الثامن الهجرى ويعنى بعض المؤرخين بالترجمة لهم وفى مقدمتهم يحيى بن خلدون إذ نراه فى كتابه «بغية الرواد فى ذكر الملوك من بنى عبد الواد» يسوق ترجمات لمائة وتسعة من العلماء وأهل التقوى والصلاح، ويتكاثر رجال التصوف فى القرن التاسع الهجرى ويزدادون زيادة مفرطة فى العهد العثمانى، لعنايته بالتصوف وتقريبه لهم وإغداقه الأموال على زواياهم وكان الولاة العثمانيون يزورونهم ويتبركون بهم ويزورون أضرحة المتوفّين منهم، ودخلت معهم إلى الجزائر الطرق الصوفية التى اشتهرت ببلادهم مثل البكداشية والنقشبندية والمولوية أتباع جلال الدين الرومى، ولكن الطريقتين الشاذلية والقادرية ظلتا تجذبان إليهما كثرة من الأتباع. وأخذ بعض أتباع الشاذلية يؤسس لنفسه فيها طريقة فرعية جديدة، بحيث أصبحت هى والطرق التى اشتقت منها مثل المليانية والزيانية والرحمانية والدرقاوية أهم الطرق التى استوعبت جماهير الجزائر فى المدن والقرى والهضاب والصحارى. ولا بد أن نشير إلى أن هذه الفئة من المتصوفة اندس بينها كثيرون فى الحقب الأخيرة من هذا العصر يدّعون لأنفسهم التقوى وهى منهم براء، بل لقد كانوا يدعون أنهم أولياء يكشفون الغيب وينسبون لأنفسهم الكرامات، واندس معهم كثيرون من الدراويش الجوالين والمشعوذين الدجالين، مما جعل عبد الكريم الفكون يؤلف كتابه:«منشور الهداية فى كشف حال من ادعى العلم والولاية» وهو فى ثلاثة فصول أولها فيمن لقيه من العلماء والصلحاء المقتدى بهم ومن كانوا قبل زمنهم ممن نقلت إليه أحوالهم وصفاتهم. والفصل الثانى فى المتشبهين بالعلماء والصلحاء، والفصل الثالث فى المبتدعة «الدجاجلة» الكذابين على طريقة الصوفية. والفصلان الثانى والثالث مليئان بنقد متصوفة عصره من أدعياء العلم ودجاجلة الشعوذة الصوفية الذين يتخذون الرقص الصوفى أو ما يسمى بالذكر والتغنى عليه بضاعة لهم يستغلون بها العامة مع تحالفهم عليها مع أصحاب الحكم والسلطان، ويصيح ضد البدع والخرافات، ويدعو إلى الاجتهاد واستخدام العقل والعمل بالكتاب والسنة.