كان للجزائر حظ كبير من هؤلاء المقرئين مثل بقية البلاد الإسلامية، ويذكر ابن الجزرى من كبار قرائها فى القرن الرابع الهجرى عبد الحكم بن إبراهيم نزيل بجاية تلميذ ابن خيرون كبير القراء فى القيروان وقد حمل عنه قراءة ورش المصرى عن نافع وهى القراءة التى لا تزال فى البلاد المغربية إلى اليوم. ومن كبار القراء فى القرن الخامس الهجرى يوسف بن على بن جبارة من بسكرة عاصمة الزاب، وله كتاب الكامل فى القراءات العشر، ويقول ابن الجزرى إنه طاف البلاد فى طلب القراءات، ويذكر فى كتابه الكامل إنه لقى ثلاثمائة وخمسة وستين مقرئا من شيوخ القراء وذكر منهم فى كتابه مائة واثنين وعشرين شيخا. ومن قراء القرن السادس ابن عفراء محمد بن عبد العزيز وعنه حمل القراءات محمد بن عبد الله القلعى المتوفى سنة ٦١١ هـ/١٢١٤ م ويقول الغبرينى إنه جلس للأستاذية ببجاية وأقرأ الناس وانتفعوا به. وكان يعاصره ببجاية المقرئ أحمد بن محمد المعافرى قرأ عليه عالم واستفاد منه خلق كثير، وله مختصر كتاب التيسير للدانى فى القراءات السبع، وبالمثل أحمد بن محمد الصدفى المتوفى سنة ٦٧٤ وله كتابان فى قراءة ورش. ومن قراء القرن السابع الذين ذكرهم ابن الجزرى فى غاية النهاية سعيد بن على بن زاهر المتوفى سنة ٦٥٤ هـ/١٢٥٦ م استوطن بجاية وأقرأ بها الطلاب، ومثله محمد بن صالح الكنانى المتوفى سنة ٦٩٩ هـ/١٢٩٧ م ولى إقامة الفريضة والخطبة بجامع بجاية الأعظم ما ينيف على ثلاثين عاما، وكان مع إملائه القراءات يقرأ للطلاب مفصل الزمخشرى ودواوين الأشعار الستة وأبى تمام والمتنبى. ومن مقرئى القرن الثامن الهجرى محمد بن محمد بن غريون البجائى تلميذ محمد بن صالح الكنانى وأستاذ محمد بن محمد البلفيقى ببجاية، وكان يقرئ القراءات الثمان. ومن المقرئين فى منتصف القرن الثامن أحمد بن محمد الزواوى مقرئ قسنطينة، ومن مقرئى النصف الثانى من هذا القرن يحيى بن موسى الغمارى مقرئ بجاية. وكان يعاصره يعقوب بن على الصنهاجى شيخ أهل تلمسان فى القراءات.
ومن كبار القراء فى القرن التاسع ابن مرزوق الحفيد، وله فى القراءات أرجوزة فى محاذاة الشاطبية المشهورة، وتلاه فى العناية بالقراءات بأخرة من القرن محمد بن يوسف السنوسى وله شرح كبير على الشاطبية ومختصر فى القراءات السبع، وكان يعاصره محمد بن أحمد المصمودى وله فى القراءات رجز باسم:«المنحة المحكية لمبتدئ القراءة المكية» عرض فيها الخلاف بين قراءة ابن كثير المكى ونافع المدنى، ومن معاصريه محمد بن شقرون الوهرانى وله كتاب تقريب النافع فى الطرق العشر (طرق الروايات) لنافع، وهى أكثر من ذلك فى حديث ابن مجاهد عن أسانيد قراءة نافع فى مقدمته لكتابه:«السبعة». واشتهرت زواوة فى العهد العثمانى بكثرة المقرئين فيها، ومن أشهرهم فى أواخر القرن الحادى عشر وأوائل الثانى عشر محمد بن صولة وكان الطلاب يأخذون عنه القراءات السبع. ولا بد أن كان بالجزائر مقرءون آخرون فى