ويؤلف ابن القنفذ المار ذكره كتاب الوفيات لأعلام الصحابة والعلماء والمحدثين والمؤلفين استهلّه بانتقال سيد الأولين والآخرين محمد صلّى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى، ثم رتبه على العقود أو على العشرات فى كل مائة يذكر أشهر من توفوا فيها حتى العشرة الأولى أو العقد الأول من المائة التاسعة أو بعبارة أدق إلى قبيل وفاته سنة ٨٠٩ وقيل بل سنة ٨١١ للهجرة وكان له كتاب فى طبقات علماء قسنطينة وهو مفقود، وحقق له الأستاذ محمد الفاسى وأدولف فور كتابه أنس الفقير وعز الحقير فى رجال من أهل التصوف كأبى مدين شعيب وأصحابه. ومن حينئذ يتكاثر تأليف الجزائريين فى المتصوفة كثرة مفرطة، من ذلك ترجمة ابن مرزوق الحفيد المتوفى سنة ٨٤٢ هـ/١٤٣٢ م للشيخ إبراهيم بن موسى الصنهاجى. وكان الشيخ محمد السنوسى المتوفى سنة ٨٩٥ هـ/١٤٩٠ م محدثا وفقيها كبيرا وكان فيه نزوع قوى إلى التصوف وترجم له غير واحد من تلاميذه وممن ترجم له منهم أحمد العبادى ومحمد بن عمر الملاتى وسمى ترجمته:«المواهب القدسية فى المناقب السنوسية» ولابن صعد المتوفى سنة ٩٠١ هـ/١٤٩٥ م كتاب النجم الثاقب فى الصلحاء والمتصوفة بعامة، وله كتاب روضة النسرين فى مناقب الأربعة المتأخرين: محمد الهوارى وإبراهيم التازى والحسن أبر كان وأحمد الغمارى.
ويكبّ العلماء فى العهد العثمانى على الترجمة لمشايخ الطرق. ومن أهم كتب التراجم التى تجمع فى هذا العهد بين العلماء والمتصوفة كتاب البستان فى ذكر الأولياء والعلماء بتلمسان لابن مريم وهو كتاب نفيس انتهى من تأليفه ابن مريم سنة ١٠١١ هـ/١٦٠٢ م. وهناك كتابان لا يقلان نفاسة عن كتاب البستان بل يتفوقان عليه تفوقا واضحا، هما أزهار الرياض فى أخبار عياض وما يناسبها مما يحصل به ارتياح وارتباض» وكتاب نفح الطيب فى أخبار الأندلس وابن الخطيب لأحمد بن محمد المقرى المتوفى سنة ١٠٤١ هـ/١٦٣٢ م وهو يترجم فى القسم الثانى من أزهار الرياض لحافظ سبتة وفقيهها: عياض كما يترجم فى القسم الثانى من نفح الطيب لابن الخطيب أما فى القسم الأول فى الكتابين فيفيض فى أخبار الأندلس وتراجمها بحيث يصبح الكتابان موسوعتين تاريخيتين حضاريتين للأندلس على مر التاريخ، وقد نقل فيهما عن كتب فقدت أو فقد الكثير منها مع مر الزمن وقد أشرت فى سنة ١٩٥٣ حين نشرت ما بقى من أوراق كتاب المغرب فى حلى المغرب من أخبار الأندلس لابن سعيد فى مجلدين أنه كاد ينقلهما إلى نفح الطيب، ومع ذلك تظل له أهمية كبيرة فى التعريف بالأندلس وتاريخها الحضارى. ونلتقى بعده فى العهد العثمانى بكثيرين يترجمون لكبار المتصوفة وخاصة أصحاب الزوايا فى كتب وأراجيز على نحو ما يلقانا لأحمد بن قاسم البونى بأوائل القرن الثانى عشر الهجرى فى أرجوزته: الدرة المصونة فى علماء وصلحاء بونة (عنابة) وهى أرجوزة طويلة. وللبونى كتاب فى تراجم مشاهير النحاة سماه «فتح المستبين فى تراجم بعض مشاهير النحاة واللغويين».