للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سنة ٤٨٣ ومع ذلك ظل للقلعة نشاطها العلمى والأدبى حتى الحقب المتأخرة من هذا العصر، كما ظل نفس النشاط لبجاية بعد قضاء دولة الموحدين على الدولة الحمادية سنة ٥٤٧ هـ‍/١١٥٢ م. ومن المؤكد أن القلعة وبجاية أنتجتا كثيرا من الشعراء والعلماء فى عهد الدولة الحمادية، وذاعت للحركتين العلمية والأدبية شهرة غير قليلة مما جعل غير عالم وشاعر يرحل إليها مثل ابن حمديس الصقلى الذى أقام فى بجاية فترة لعهد المنصور الحمادى (٤٨١ - ٤٩٨ هـ‍) وله فيه وفى وصف قصوره مدائح بديعة. وإلى المنصور التجأ عز الدولة بن صمادح بعد قضاء يوسف بن تاشفين المرابطى على دولة أسرته فى مدينة المرية، فأكرمه وقلده ولاية دلس على البحر المتوسط غربى بجاية وظل بها إلى وفاته، وكان شاعرا وله شعر يشكو فيه من الدهر وأحداثه. ومن كبار الشعراء الذين نزلوا بقلعة بنى حماد واستوطنوها أبو الفضل يوسف بن محمد التوزرى التونسى، وبها تصدّر للتدريس حتى وفاته سنة ٥١٣ هـ‍/١١١٩ م وهو صاحب قصيدة الاستغاثة المشهورة باسم المنفرجة السائرة فى الآفاق. ومعروف أن العماد الأصبهانى ترجم فى كتابه «الخريدة» لشعراء العالم الإسلامى فى عصره بالقرن السادس الهجرى، وممن ترجم له من شعراء الدولة الحمادية فى عهدها الأخير يوسف بن المبارك وله مدحة جيدة فى أمراء تلك الدولة، وابن أبى المليح الطبيب شاعر الأمير الحمادى: العزيز (٤٩٨ - ٥١٥ هـ‍) وطبيبه الخاص، وعلى بن الزيتونى وأنشد له مقطوعة فى مديح قاض، والفقيه عمر بن فلفول كاتب الأمير الحمادى يحيى بن عبد العزيز (٥١٨ - ٥٤٧ هـ‍) وأنشد له مقطوعة غزلية.

وفى السنة المذكورة سنة ٥٤٧ هـ‍/١١٥٢ م قوّضت دولة الموحدين بقيادة أميرها عبد المؤمن دولة بنى حماد نهائيا فى بجاية والقلعة وإقليمهما، وظلت الحركتان الأدبية والعلمية مزدهرة بهما على الرغم مما أحدث على بن غانيّة من اضطراب فى الجزائر، إذ فاجأ أسطوله الذى جلبه معه من ميورقة سنة ٥٨٠ هـ‍/١١٨٤ م بقيادته مدينة بجاية واستولى عليها. وطوال النصف الثانى من القرن السادس أخذ بعض متصوفة الأندلس ينزلون مدن الجزائر، وأخذت تشيع فيها منذ هذا التاريخ حركات صوفية واسعة، ونمتها عند الجزائريين الطرق الصوفية السنية التى شاعت بديارهم: شاذلية وغير شاذلية، ومن كبار نزلائها من صوفية الأندلس أبو مدين شعيب نزيل بجاية، وسمع به المنصور أمير الموحدين أو خليفتهم، فطلبه، وفى طريقه إليه توفى بتلمسان سنة ٥٩٤ ومنهم أبو عبد الله الشوذى الصوفى نزيل تلمسان، ومنهم أيضا محيى الدين بن عربى وقد قام بسياحات متعددة فى بلدان المغرب والجزائر، ونزل بجاية ولزم أبا مدين شعيب الصوفى فترة معجبا به وبطريقته الصوفية، ثم ولّى وجهه نحو المشرق: مصر والحجاز والشام. ومن شعراء الجزائر فى عهد الموحدين الحسن بن الفكون القسنطينى الشاعر المبدع المتوفى بأوائل القرن السابع الهجرى، ومعاصره محمد بن على بن جبل الوهرانى قاضى تلمسان ثم قاضى الجماعة بمراكش توفى سنة ٦٠١ وله مدائح فى الخليفة المنصور الموحدى، ومنهم أبو عبد الله بن الحجام

<<  <  ج: ص:  >  >>