للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نادتك وهران فلب نداها ... وانزل بها لا تقصدن سواها

واستدع طائفة العساكر نحوها ... يغزونها ولينزلوا بفناها

أضحى الصّليب مؤيدا والدين قد ... درست معالمه فلست تراها

فادع الغزاة لغزوها مستنجدا ... وانهض إليها وانزلن مرساها

وعلى شاكلته محمد القوجيلى. . وسنخصه بكلمة. ويتولى محمد بكداش مقاليد الولاية سنة ١١١٨ هـ‍/١٧٠٦ م فيعظم الأمل فى نفوس الجزائريين أن يحقق لهم أمنيتهم فى فتح وهران، ويهنئه يحيى بن أبى راشد مشيدا به فى مثل قوله:

ملك تفرّد بالكمال ولم يكن ... لكماله فى السالفين مثال

دانت له الأيّام طرّا مثلما ... دانت لليث الغابة الأشبال

خضعت لسطوته الملوك وسلّمت ... لجلاله الأمراء والأقيال (١)

ويكثر الشعراء من استثارة بكداش. ويدور العام الأول من حكمه، ويفتتح وهران عنوة سنة ١١١٩ هـ‍/١٧٠٧ م وكان أديبا يجمع النثر والخطابة والشعر، وتبارى شعراء الجزائر والمغرب فى تهنئته بهذا النصر العظيم، وجمع محمد بن ميمون ما نظم فيه من شعر منذ ولايته فى كتابه «التحفة المرضية فى الدولة البكداشية» وجعله فى ست عشرة مقامة. ومن شعرائه أحمد بن قاسم اليونى ومحمد القوجيلى والمستغانمى وابن على الذى هنّأه تهنئه حارة مصورا كيف يسحقهم سحقا لا يبقى ولا يذر بمثل قوله:

إمام سقى الكفار كأس منيّة ... لهم شبه بالنّمل والسيف حاطم

ومزّقهم فى الأرض كلّ ممزّق ... فربعهم-بعد العمارة-طاسم (٢)

وعاد لوهران السنيّة فخرها ... وعاد إليها عهدها المتقادم

ويتوفى بكداش سريعا سنة ١١٢٢ هـ‍/١٧١٠ م. ويسترد الإسبان وهران وتظل فى حوزتهم حتى سنة ١٢٠٥ هـ‍/١٧٩٠ لعهد الباي محمد الكبير، فيفتتحها نهائيا، وكانت الحياة الأدبية نشطت لعهده والتف حوله غير شاعر مثل أحمد القرومى ومحمد بن الطيب المازرى وأحمد بن عمار، ومن أهمهم أحمد بن سحنون كاتبه، وله فى فتحه لوهران أرجوزة طويلة افتتحها بقوله:

حمدا لمن آزر نصر الدّين ... ودان ناصريه أسنى الدّين

وفتّح الأقطار بالجهاد ... حتى غدت ليّنة المهاد

وشرح الأرجوزة شرحا أدبيا تاريخيّا سماه: «الثغر الجمانى فى ابتسام الثغر الوهرانى» وصف فيه الفتح وسيرة الباي والشعراء الذين مجّدوه وبعض أشعارهم فى تهنئته بالفتح،


(١) الأقبال: جمع قيل: ملوك اليمن.
(٢) طاسم: دارس.

<<  <  ج: ص:  >  >>