للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بجزيل الرغائب، ويضرب مثلا لمادحيه من غير التلمسانيين قصيدة لشاعر فارسىّ يسمى على العشّاب يهنئه فيها ببعض فتوحه قائلا (١):

ملك تجلّل بالمهابة وارتدى ... وسما فدان له الزمان الأسعد

كم بيّنت آراؤه من مشكل ... والله يكفل ملكه ويؤيّد

ملك أبى الرحمن إلا نصره ... فمن الذى يخفى سناه ويخمد

وربما كان أهم حاكم زيانى بتلمسان بعده المتوكل (٨٦٦ - ٨ هـ‍) ويعنى الفقيه التنسى بوضع كتاب أرّخ فيه له ولأسرته-كما مرّ بنا-سماه نظم الدر والعقيان فى بيان شرف بنى زيان، وأنهى حديثه فيه عنه بقصيدة فى مديحه ومديح أبنائه الستة، وفيه يقول (٢):

حوى فى صباه من وثاقة رأيه ... مع الحزم ما لم تحوه اللّمم الشّمط (٣)

هو البحر جودا من جميع جهاته ... فمعروفه لجّ وإحسانه الشّطّ

وكلّ بنى الآمال ساعون نحوه ... كذا كلّ من أضناه من دهره قسط (٤)

وبرّز من بين الملوك مجليا ... وأعطاه ربّ العرش فوق الذى أعطوا

وتضعف الدولتان الزيانية والحفصية مع أوائل القرن العاشر الهجرى ويستولى فرديناند ملك إسبانيا من الدولتين على الثغور الشمالية المهمة للجزائر. ويتصدى له خير الدين (بربروس) وعروج ويستخلصان منه مدينة الجزائر سنة ٩٢٢ هـ‍/١٥١٦ م وما يزال خير الدين ينازله مستوليا منه على الثغور الشمالية ما عدا المرسى الكبير ووهران، ويضيف إقليم الجزائر إلى الدولة العثمانية، ويخلفه عليه ابنه حسن، ولا يزال الجزائريون يستحثونه على منازلة الإسبان، ويسترجع منهم فى سنة ٩٤٨ هـ‍/١٥٤١ م المرسى الكبير والجزء الأعلى من وهران، ويهنئه الشاعر عبد الرحمن بن موسى بمثل قوله (٥):

هنيئا لكم باشا الجزائر والغرب ... بفتح أساس الكفر مرسى قرى الكلب

وأبقاك ربى فاتحا لحصونهم ... وكهفا منيعا ذا عتوّ وذا ضرب

ويريد بالكلب شارل الخامس ملك إسبانيا وكان قد ساق إلى الجزائر حملة كبيرة، فسحقها البايلاريك حسن. وتظل وهران مع الإسبان، وما يزال الشعراء يستحثون الولاة العثمانيين فى فتحها من مثل محمد بن عبد المؤمن الذى يستحث الداى «باب حسن» على فتحها فى حماسية طويلة منشدا:


(١) التنسى ص ٢٣٨.
(٢) التنسى ص ٢٦٥.
(٣) اللمم الشمط: المختلط فيها سواد الشعر بياضه.
(٤) قسط: جور وظلم، وهى من ألفاظ الأضداد.
(٥) البستان فى ذكر الأولياء والعلماء بتلمسان لابن مريم ص ١٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>