للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يطلبون عفوه، وقصة كعب بن زهير مشهورة، وقد مرت بنا الإشارة إليه، ومثله أنس بن زنيم، فإنه كان هجا الرسول، ثم ثاب إلى رشده، فقدم عليه معتذرا، وأنشده أبياتا مدحه بها، يقول فى تضاعيفها (١):

وما حملت من ناقة فوق رحلها ... أبرّ وأوفى ذمّة من محمّد

ونظم أبو سفيان بن الحارث أشعارا كثيرة يأسى فيها على ما فرّط فى جنب الله ورسوله على شاكلة قوله (٢):

لعمرك إنى يوم أحمل راية ... لتغلب خيل اللاّت خيل محمد

لكالمدلج الحيران أظلم ليله ... فهذا أوان حين أهدى وأهتدى

وكان كثير من الشعراء المسلمين يمتدح الرسول وهديه الكريم، يتقدمهم فى ذلك شعراء المدينة، وتنسب إلى الأعشى قصيدة فى مديحه (٣) لا شك أنها منحولة، وتنسب لأبى طالب قصيدة مدحه بها يقول فيها:

وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ... ربيع اليتامى عصمة للأرامل

ويقول ابن سلام: «قد زيد فيها وطوّلت» (٤) وتنسب إلى عباس بن مرداس فارس بنى سليم أشعار كثيرة يمدحه بها من مثل قوله (٥):

نبىّ أتانا بعد عيسى بناطق ... من الحق فيه الفصل منه كذلكا

أمينا على الفرقان أول شافع ... وآخر مبعوث يجيب الملائكا

ونظم كثير من المراثى فى قتلى المسلمين والمشركين، ورثاء قتيلة لأبيها النّضر بن الحارث ذائع مشهور. ولما انتقل الرسول إلى الرفيق الأعلى بكاه الشعراء بكاء حارّا، ومن أرق ما رثى به قصيدة حسان التى يستهلها بقوله (٦):

ما بال عينى لا تنام كأنما ... كحلت مآقيها بكحل الأرمد


(١) الإصابة لابن حجر ١/ ٦٩.
(٢) ابن سلام ص ٢٠٦.
(٣) أغانى (طبعة دار الكتب) ٩/ ١٢٥.
(٤) ابن سلام ص ٢٠٤.
(٥) أغانى (طبعة دار الكتب) ١٤/ ٣٠٥
(٦) ديوان حسان (طبعة هرشفيلد) ص ٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>