للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان كثير من شعراء العرب يقفون مع قريش باكين قتلاها ومحرّضين لها على كفاحها ضد الرسول مثل أمية بن أبى الصلت، ورثاؤه لقتلى بدر مشهور (١) ومثل الأسود بن يعفر الذى أشاد بانتصارها فى يوم أحد (٢)، وقد ماتا فى أثناء هذا الصراع. وكان يقف هذا الموقف نفر من شعراء القبائل التى لما تدخل فى الإسلام. وكان يرد عليهم جميعا شعراء المدينة متوعدين مهددين على شاكلة قول كعب بن مالك يهدد ثقيفا بعد انتصار الرسول صلى الله عليه وسلم على يهود خيبر (٣):

قضينا من تهامة كلّ وتر ... وخيبر ثم أحجمنا السيوفا (٤)

نخيّرها ولو نطقت لقالت ... قواطعهنّ: دوسا أو ثقيفا (٥)

فلست لحاصن إن لم تروها ... بساحة داركم منا ألوفا (٦)

فننتزع العروش ببطن وجّ ... ونترك داركم منا خلوفا (٧)

ونردى اللاّت والعزّى وودّا ... ونسلبها القلائد والشّنوفا (٨)

وتفتح مكة فى السنة الثامنة للهجرة، ولكن تظل للصراع بقية فى شعراء هذيل، على نحو ما يمثلهم أبو خراش الهذلى فى بكائه لدبيّة سادن العزّى حين قتله خالد بن الوليد (٩). وتظل بقية أخرى فى ثقيف ومعاركها مع الرسول فى حنين. على أنه بمجرد أن دخلت مكة فى الإسلام أدمجت الجزيرة كلها فيه، وأخذت وفودها تفد على الرسول معلنة اعتناقها الدين الحنيف. وفى هذه الأثناء نجد كثيرا من الشعراء وعلى رأسهم شعراء قريش يفزعون إلى ساحة الرسول الكريم


(١) ابن سلام ص ٢٢١ والسيرة النبوية ٣/ ٣١.
(٢) ابن سلام ص ١٢٣.
(٣) ابن سلام ص ١٨٤.
(٤) الوتر: الثأر.
(٥) دوس وثقيف: قبيلتان كانتا تنزلان بالطائف.
(٦) الحاصن: المرأة العفيفة.
(٧) يقصد بالعروش قضبان الكرم. وج: الطائف ونواحيها. والحى الخلوف: الذى فارقه الرجال، يقصد أنهم سيبيدونهم.
(٨) نردى: نهدم. اللات والعزى وود: أصنام. القلائد: السموط. الشنوف: جمع شنف وهو القرط.
(٩) ديوان الهذليين (طبعة دار الكتب) ٢/ ١٤٨ وانظر الأصنام لابن الكلبى ص ٢٤ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>