ويصفه بالظرف وحسن الهيئة. وعاد إلى تونس سنة ٨٨١ هـ/١٤٧٧ م ويعود إلى الكتابة عند المسعود، ويقول الدكتور هشام بوقرة إن المسعود جفاه سنة ٨٨٨ هـ/١٤٨٤ م ولم يلبث أن رضى عنه سنة ٨٩٠ هـ/١٤٨٦ م وظل كاتبا له حتى وفاته سنة ٨٩٣ هـ/١٤٨٨ م وفى نفس السنة توفى السلطان عثمان الحفصى، وخلفه حفيده يحيى بن المسعود بوصية منه، ولم يدر العام حتى قتل فى معركة مع ابن عمه عبد المؤمن والى بجاية، واستولى عبد المؤمن على صولجان الحكم فى تونس، ولم يهنأ به طويلا فقد ثأر منه زكريا بن السلطان يحيى المقتول فى أوائل خريف العام التالى سنة ٨٩٥ هـ/١٤٩٠ م واستولى على أزمة الحكم، وصوّر ذلك ابن الخلوف فى رائية له يمدحه بها قائلا:
حزت الخلافة عاصبا لا غاصبا ... والحق ورّثك النفيس المدّخر
وهو يقول له إنك حزت الخلافة أو السلطنة عاصبا أى عن طريق الإرث عن الآباء لا غاصبا عن طريق الظلم والعدوان، واجتاح تونس سنة ٨٩٩ هـ/١٤٩٤ م طاعون توفى فيه السلطان زكريا وأيضا توفى فيه الشهاب بن الخلوف، وربما توفى قبله بقليل. ونجده لا يكتفى بما ينظم من الشعر فى أغراضه المعروفة من المديح والرثاء والغزل والخمريات والوصف وغير ذلك من الأغراض التى رتّب عليها الدكتور هشام بوقرة ديوانه، إذ نظم كثيرا من الشعر التعليمى وله فيه منظومات كثيرة، فقد نظم كتاب المغنى لابن هشام كما يقول مترجموه وله فى النحو أيضا منظومة فى صيغ الأفعال، ونظم كتاب التلخيص فى علوم البلاغة للقزوينى، وله بديعية صوّر فيها ألوان البديع ومحسناته لعصره، وله أرجوزة فى علم الفرائض، وله فى العروض تحرير الميزان لتصحيح الأوزان. وله بجانب ديوانه المذكور آنفا ديوان فى المدائح النبوية سماه «جنا الجنتين» ويشيد مترجموه به إشادة رائعة. ونراه يستهل ديوانه العام قبل أغراضه المختلفة ببعض قصائد وأزجال وموشح فى المديح النبوى، ويبدو أن له كثيرا من الأزجال فى أغراض مختلفة، وبالمثل له موشحات متعددة. وهو مداح كبير، وقد ظل طوال أربعين عاما يمدح السلطان عثمان الحفصى وابنه المسعود فى الأعياد والمناسبات المختلفة، ويلزمهما ملازمة المتنبى لسيف الدولة، ومن قوله فى السلطان عثمان:
إمام براه الله أولى عباده ... بحقّ وأهداهم لأوضح حجّة
تؤمّل نعماه ويخشى انتقامه ... لطالب سلم أو لطالب فتنة