١٠٢٠ هـ/١٦١١ م وبها حفظ القرآن الكريم، وبعد حفظه تتلمذ لشيوخها ولأبيه محمد وله حاشية على مختصر الشيخ خليل بن إسحاق المصرى فى الفقه المالكى. وبعد أن أخذ كل ما عند أبيه وأقرانه من فقه ولغة ارتحل إلى قسنطينة، فأكبّ على حلقات شيوخها، واستوعب كل ما أخذه عنهم من علوم أوائل وآداب تصوف وعلوم بلاغة ومنطق، وعاد إلى موطنه يدرس لطلابه كل ما فقهه وتمثله من علوم مختلفة، ويشيد مترجموه برسوخه فى المعقول والمنقول، وظل يرعى طلابه إلى أن توفى سنة ١٠٥٣ هـ/١٦٤٣ م. وشغف بنظم العلوم، فألّف مجموعة من المتون يتدارسها الطلاب والعلماء شرقا وغربا، منها فى الفلك منظومة السراج وقد شرحها سحنون بن عثمان معاصره، ومنها الدرة البيضاء فى الحساب وعلم الفرائض وجعلها فى ثلاثة أقسام: قسم خاص بالحساب، وقسم خاص بالفرائض (علم الميراث) وقسم خاص بقسمة التركات. وطبعت مع شرحها فى القاهرة ونصّ فى الطبعة على أن شرح قسم الفرائض من عمل المؤلف الأخضرى. وله فى التصوف منظومة سماها القدسية، وهى فى آداب السلوك ونكران البدع، وشرحها حسين الورتلانى المتوفى سنة ١٢١٠ هـ/١٧٩٥ م وسمى شرحه الكواكب العرفانية والشوارق الإنسية فى شرح ألفاظ القدسية، ونظم الأخضرى تلخيص المفتاح فى علوم البلاغة للقزوينى وسمى منظومته الجوهر المكنون فى الثلاثة فنون: المعانى والبيان والبديع، وشرحها فى القاهرة الشيخ أحمد الدمنهورى فى القرن الماضى.
وأهم منظومات الأخضرى فى العلوم منظومته فى علم المنطق، وقد سماها:«السلم المرونق فى علم المنطق» وهى أرجوزة فى مائة وثلاثة وأربعين بيتا، ويقول فى آخرها أنه نظمها وهو فى الحادية والعشرين من عمره، وشرحها، وطارت شهرتها ووضعت عليها شروح كثيرة، ويستهلها بقوله:
الحمد لله الذى قد أخرجا ... نتائج الفكر لأرباب الحجا
وحطّ عنهم من سماء العقل ... كلّ حجاب من سحاب الجهل
حتى بدت لهم شموس المعرفه ... رأوا مخدّراتها منكشفه
نحمده جلّ على الإنعام ... بنعمة الإيمان والإسلام
من خصّنا بخير من قد أرسلا ... وخير من حاز المقامات العلا
محمد سيّد كل مقتفى ... العربى الهاشمى المصطفى
وقد بدأ أرجوزته بالحمد لله والثناء عليه. والحجا: العقل، وفى البيت الأول براعة استهلال إذ أشار بنتائج الفكر لأرباب العقل إلى موضوع الأرجوزة وهو علم المنطق، ومضى فى البيتين الثانى والثالث يكمل معنى البيت الأول بما رفع الله من الحجاب عن قلوب أولى الألباب حتى ظهرت لهم شموس المعرفة ورأوا مخدراتها وعرائسها المستورة منكشفة. ويحمد الله