واشتهرت هذه الأسرة بنظمها للشعر منذ رمضان بن يوسف ففى مجموعة أشعار جزائرية أبيات له فى الحث على طلب العلم، وكذلك لمحمد المهدى قصيدة ضمنها شكوى إلى علماء إسطانبول وأبيات لوالد الشاعر، فهو من بيت شعر وأدب، وأيضا فإن بيته كان بيت فقه حنفى وقضاء وفتوى، يدل على ذلك بوضوح أن جده محمد المهدى عيّن مفتيا للحنفية سنة ١٠٤٥ هـ/ ١٦٣٥ م ولقّب بشيخ الإسلام وهو لقب كان يتلقب به المفتى الحنفى فى الجزائر طوال العهد العثمانى وظل فى هذا المنصب حتى وفاته فى أواخر العقد السابع من القرن الحادى عشر الهجرى. وطبيعى أن يكون والد الشاعر فقيها على غرار أبيه، إذ نرى الشباح ينوه فى مدحته له بقوله:
العالم العلامة القطب الذى ... ضربت بحسن صنيعه الأمثال
ولا نعرف متى ولد الشاعر، ويبدو أنه ولد فى أواخر القرن الحادى عشر، كما قال الدكتور أبو القاسم سعد الله، مستدلا على ذلك بأنه كان أحد من هنئوا محمد بكداش والى الجزائر بفتحه لوهران وانتصاره فيه على الإسبان سنة ١١١٩ هـ/١٧٠٧ م ومن قوله فى قصيدته:
وعهدى بحور الشعر عنى أذودها ... زمانا وفكرى موجه متلاطم
وكأنه قد عالج الشعر قبل عام فتح وهران مما يدل على أن سنه كانت حينئذ فى نحو العشرين من عمره على الأقل. وكان يكبّ على حلقات فقهاء المذهب الحنفى والحديث النبوى وتفسير الذكر الحكيم مما أهّله فيما بعد ليدرس للطلاب التفسير والحديث والفقه الحنفى، وليصبح خطيب المسجد الكبير يعظ الناس كل جمعة مواعظ مؤثرة، ويختار سنة ١١٥٠ هـ/١٧٣٨ م مفتيا حنفيا للجزائر ويلقب بشيخ الإسلام، ويظل شاغلا هذا المنصب حتى وفاته سنة ١١٦٩ هـ/١٧٥٦ م. ويعد ابن على فى الذروة من شعراء الجزائر فى القرن الثانى عشر الهجرى، وكان ينظم فى المديح والمنشئات ووصف الطبيعة والرثاء، وأكثر من شعر الغزل إكثارا يسبق فيه شعراء عصره، وجمع لنفسه ديوانا ضم أشعاره وأشعار بعض معاصريه وأشعار آبائه ومعاصريهم فى القرن الحادى عشر الهجرى. وسقط هذا الديوان من يد الزمن غير أن أكثره- أو كثيرا منه-مبثوث فى المجموعة التى أشرنا إليها المنشورة باسم أشعار جزائرية. ويبدو أنه أخذ ينصرف عن نظم الغزل حين ولّى الخطابة والتدريس فى المسجد الكبير، وولّى منصب الإفتاء الجليل، ويصرح بذلك قائلا:
لولا-وحقّك-خطّة قلّدتها ... زهرت بها فى الخافقين شموعى
ومنابر فيها رقيت إلى العلا ... وقد استدار بها كثيف جموع
لنحوت منحى العامرى صبابة ... ولكان من حرق الجوى مشفوعى
وهو يقول لولا خطّة الفتوى-على المذهب الحنفى-التى تقلدتها وتلألأت وتألقت بها شموعى فى الجزائر، ولولا منابر فيها صعدت بها إلى العلا بوعظى الجموع الكثيفة من أهل