للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما للمنازل أظلمت أرجاؤها ... والأرض رجّت حين خاب رجاؤها

هذا الذى ورث النبىّ فأصبحت ... علل الضلال به استفيد دواؤها

ودعا إلى التوحيد دعوة مخلص ... وإلى الشريعة فاستنار ضياؤها

يا أوحد العلماء يا علما به ... كلّ العلوم بدت لنا أنحاؤها

من للتآليف التى ألّفتها ... يبدى بها ما استشكلت قرّاؤها

من للعلوم على اختلاف فنونها ... يبدى لها نكتا يروق سناؤها

يا ربّ قدّس روحه وضريحه ... ومن الجنان تحفّه نعماؤها

والحوضى يقول إن الديار أظلمت والأرض كأنما زلزلت زلزالا عظيما بموت السنوسى الذى ورث الهدى عن الرسول الكريم فكأنما علل الضلال وجدت عنده أدواءها جميعا. وعملان عظيمان له الدعوة إلى عقيدة التوحيد والشريعة وفقهها المضيئ، بل لقد أضاء للطلاب كثيرا من أنحاء العلوم التى درسها لهم لا فى الفقه والتوحيد فحسب بل أيضا فى المنطق والقراءات والفرائض وغير ذلك مما درسه وألف فيه. ويتكاثر رثاء التلاميذ لشيوخهم فى العهد العثمانى، ونسوق من ذلك رثاء: شاعر مدينة الجزائر سعيد قدورة الذى اشتهر بشرحه لمتن السلم فى المنطق والمتوفى سنة ١٠٦٦ هـ‍/١٦٥٥ م فقد رثى أستاذه محمد بن على المجاجى وكان قد توفى مقتولا وفيه يقول (١):

مصاب جسيم كاد يصمى مقاتلى ... ورزء عظيم قاطع للمفاصل

ومن لفنون العلم نحوا ومنطقا ... وفقها وتوحيدا وفتوى لسائل

لمنزله كانت تشدّ رحالنا ... فمن راكب يسعى إليه وراجل

أحقّا قتلت الألمعىّ محمّدا ... على قول حقّ لا على قول باطل

قتلت امرءا من شأنه العلم والتّقى ... فيا خير مقتول ويا شرّ قاتل

ومالك يوم العرض إلا جهنّم ... تقاد إليها صاغرا بالسلاسل

عليه من الرحمن أوسع رحمة ... وأزكى سلام فى الضّحى والأصائل

وسعيد قدورة يقول إنه مصاب جسيم ورزء عظيم أن يقتل هذا العالم الجليل دون ذنب جناه، ويقول إلى أين يذهب طلاب العلم نحوا ومنطقا وفقها وتفسيرا وتوحيدا، وإلى من يرجعون فى الفتوى. وكانت تشد إليه الرحال من فجاج الأرض بين راكب وراجل، ويعجب أن يقتله شخص وهو لا يصدر إلا عن حق لعلمه وتقاه، وإنه لخير مقتول، أما قاتله فشر قاتل، ويتوعده أن يكون مصيره إلى جهنم يقاد إليها بالسلاسل والأغلال، أما الشيخ المقتول


(١) تعريف الخلف ص ٤٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>