فتنة كل ذلك فى محبة رب العالمين وإنّي لأذكره فى كل حين بقلبى ومهجتى، وهل فى الدنيا عمل أفضل من ذكر الإنسان لربه، فاذكره دائما، اذكر خالق الخلق ومنشئهم، وهل للمريدين تلامذة المتصوفة حسام سواه، وكم قضوا على زار هازئ وباهت متعجب وكم بدّدوا جمعا جريئا وكم أبادوا عدوا لهم حاول أن يؤذيهم، وكم دفع الله الكريم بذكرهم له عن الخلق من مهالك. وإن أفضل ذكر دعوة الله فكرّرها فى كل وقت وإن كثرة ذكر الشئ لأكبر دليل على حبه، وإن محبة الله لشرف للإنسان أى شرف. وله قصيدة صوفية ذاعت وشاعت فى الجزائر باسم المرادية، وتسمى أيضا باللامية، استهلها بقوله:
مرادى من المولى وغاية آمالى ... دوام الرّضا والعفو عن سوء حالى
وإسقاط تدبيرى وحولى وقوّتى ... وصدقى فى الأحوال والفعل والقال
والتازى يقول إنه يطلب من ربه دوام الرضا والعفو، وإنه ليأمل منه أن يسقط عنه التدبير شأن الصوفية العظام فلا يفكر فى شأن من أمور معاشه وحياته، ولا حول ولا قوة حتى ولا صدق له فى حال ولا فى فعل أو قول. وقد شرحها محمد الصباغ القلعى فى القرن العاشر الهجرى بشرح سماه:«شفاء الغليل والفؤاد فى شرح النظم الشهير بالمراد» سماها المراد استكمالا للسجعة ولابن مريم عليها شرح كما ذكر فى ترجمته له. ومنها فى وصف المريد تلميذ الشيخ الصوفى وتابعه:
وغنم مريد فى انقياد لكامل ... له خبرة بالوقت والعلم والحال
هو السرّ والإكسير والكيميا لمن ... أراد وصولا أو بغى نيل آمال
وقد عدم الناس الشيوخ بقطرنا ... وآخرهم شيخى وموضع اجلالى
وقد قال لى: لم يبق شيخ بغربنا ... وذا منذ أعوام خلون وأحوال (١)
يشير إلى أهل الكمال كمثله ... عليه من الله الرّضا ما تلا تالى
وهو يجعل المريد كأنه آلة مسخرة فى يد شيخه الخبير بزمنه وبالعلم وبأحوال التصوف، إذ ينقاد له بكليته ولا يخرج بأى صورة عن إرادته. ويعظّم الشيخ الصوفى إذ يجعله السر الإلهى والإكسير والكيمياء اللذين يحولان المعدن ذهبا، وبيده الأصول ومفتاح كل الآمال. وكنا نؤثر أن يترفع الشيخ التازى عن مثل هذه الدعاوى فى شيوخ الصوفية، التى جعلت الناس يبالغون فيهم ويقولون بالقطب وما إلى القطب من الأبدال، بل لقد أعدّ ذلك لظهور دجاجلة المتصوفة ومن يرتزقون باسم صوفى سنى كبير. والتازى يستمر فيقول إن الناس عدموا