للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكل نبىّ دعوة مستجابة ... وسيّدهم طرّا خباها لأمّته

إلى يوم لا يغنى عن المرء منطق ... فصيح ولا يدلى البليغ بحجته

ويوم يفرّ المرء من ولد له ... حبيب ولا يجزى أب بأبوّته

وكل نبىّ يسأل الله نفسه ... ويضرب صفحا عن سؤال لأمّته (١)

خلا شافع فينا كريم مشفّع ... به يشمل الله العباد برحمته

فيا ربّه بلّغ عبيدك قبره ... ليحظى بتقبيل لطاهر تربته

وجازه عنا بالذى أنت أهله ... أعزّ الورى أنت الكفيل بمنّته

وهو يقول إن لكل نبى دعوة مستجابة، وسيد الأنبياء جميعا محمد صلّى الله عليه وسلم خبأ دعوته إلى يوم القيامة الموصوف فى سورة عبس بقوله جل شأنه: إنه يوم الصاخة التى تصخ الآذان وتصمها، فلا يستطيع أحد نطقا ولا كلاما {(يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ، لِكُلِّ اِمْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ)} وحتى الأنبياء يشغلون بأنفسهم عن أممهم إلا سيد الخلق جميعا رسول الأمة الإسلامية فيدعو الله متشفعا لأفرادها فى هذا اليوم يوم المحشر الرهيب، ويقبل الله شفاعته، ويشمل بها العباد برحمته. ويتوسل الشاعر إلى ربه أن يبلغه المدينة ليحظى بتقبيل قبره الطاهر، ويسأله أن يجزيه عن أمته بما هو أهله، إنه خير الورى وهو الكفيل بإعطائه ما يتكافأ مع حقه وجزائه. ونلتقى بإبراهيم (٢) بن أبى بكر التلمسانى المتوفى سنة ٦٩٧ هـ‍/١٢٩٨ م والذى افتتح به أبو القاسم الحفناوى كتابه: «تعريف الخلف» وله أمداح نبوية منها-كما ذكر من ترجموا له-المعشرات على أوزان العرب، وكانت كل قافية تشتمل على عشرة أدوار، وله مدحة فى المولد النبوى، ولم يذكر من ترجموا له شيئا من شعره فى مدح الرسول صلّى الله عليه وسلم. ويلقانا بأخرة من القرن السابع ومطالع القرن الثامن محمد بن عبد الله بن محمد العطار وسنخصه بترجمة.

وكان المشرق قد استنّ الاحتفال بالمولد النبوى فى ليلة الثانى عشر من ربيع الأول فى القرن الحادى عشر الميلادى بمصر أيام الفاطميين بطريقة رسمية، وأول احتفال به بطريقة جماهيرية شعبية كان فى إربل لأوائل القرن الثانى عشر الميلادى إذ احتشد له الحاكم الأيوبى والعلماء والشعراء والمتصوفة من مختلف البلاد العراقية وذبحت فيه ذبائح كثيرة وطاف الناس ليلا فى مواكب بمشاعل متوهجة وشاع ذلك فى البلدان. ونقله أبو العباس (٣) العزفى الشريف إلى سبتة مدينته، وعنها شاع فى تلمسان وغيرها من البلاد المغربية. وكان الذى أشاعه فى


(١) يضرب صفحا: يعرض.
(٢) له ترجمة فى بغية الرواد ليحيى بن خلدون ١٠٩ والإحاطة ١/ ٣٢٦ والبستان ص ٥٥ وتعريف الخلف ١/ ١٣.
(٣) أزهار الرياض ١/ ٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>