أعالى جنانه، ويقول الحفناوى أثبتّ من مولدياته ما يطرب ويروق، ويبهر الشمس عند الشروق، فمن ذلك قوله من موشحه (١):
بالله حادى القطار ... قف لى بتلك الديار واقر السّلام
سلّم على عرب نجد ... واذكر صبابة وجدى كيف يلام
من بادرته الدّموع ... شوقا لتلك الربوع مع المقام
وهو ينادى بالله على حادى القطار أى القافلة أن يقف بديار الحبيب ويقرئه السلام، ويسلم على عرب نجد، أصحاب الصبابة والوجد، ويتساءل كيف يلام من ابتدرته الدموع شوقا لتلك الربوع وساكنها ومقامه العظيم. والمانجلاتى من شعراء القرن الحادى عشر الهجرى وذكر ابن عمار أنه كان له ديوان نبوى جميعه قصائد مولدية تزرى بالأزهار الندية، ويقول: وجاء مصليا خلفه (تالياله) سحبان البلاغة وقسّ البراعة شيخنا أبو عبد الله محمد بن محمد المشهور باسم ابن على. وأنشد له موشحا نبويّا على غرار موشح المانجلاتى وفيه يقول:
بالله طاوى القفار ... عرّج بذاك المزار حيث الكرام
عرّج بربع المعال ... وابرد بذاك الوصال حرّ الغرام
حسب المشوق الكئيب ... أن شمله بالحبيب له التئام
نأت علينا الديار ... وفى الفؤاد جمار لها انضرام
وابن على يقول: بالله يا قاطع القفار عرّج نحو مزار الأحبة الكرام، عرج نحو منزل المعالى وبرّد بهذا الوصال النار المضطربة فى الفؤاد وحسبى أن اجتمع شملى بالحبيب. ولقد بعدت عنا الديار، وفى الفؤاد قطع من الوجد الملتهب تضطرم نارا حامية. ولأحمد بن عمار نفسه فى موشحة:
يا نسيما بات من زهر الرّبى ... يقتفى الركبان
احملن منى سلاما طيّبا ... لأهيل البان
اقرأن منى سلاما عبقا ... إن بدت نجد
إن لى قلبا إليها شيّقا ... شفّه وجد
وموشحته يهبط أسلوبها درجة عن الموشحتين السابقتين، ومع ذلك كان يعد من كبار الشعراء فى القرن الثانى عشر الهجرى، وله شعر كثير فى الوصف وغيره من الموضوعات، ويقال كان له ديوان فى المديح النبوى، يشتمل على منظومات من القصائد والموشحات. ونتحدث الآن عن أبى عبد الله محمد بن عبد الله العطار أهم شعراء المديح النبوى الجزائريين.
(١) انظر فى المقطوعة التالية وتاليتيها تعريف الخلف ٢/ ٩٠ وما بعدها.