للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له أيضا ترجمة. وظل بعض الولاة فى بجاية يهتمون باتخاذ بعض الكتاب المجيدين، ويذكر من بينهم صاحب عنوان الدراية محمد الوغليسى فى القرن السابع، ويقول: عليه كان المعتمد فى وقته فى المخاطبات السلطانية إنشاء وجوابا (١).

وإذا تركنا بجاية إلى تلمسان وجدنا بنى عبد الواد يؤسسون فيها الدولة الزيانية بزعامة يغمرّاسن منذ سنة ٦٣٣ هـ‍/١٢٣٥ م وتظل تلك الدولة نحو ثلاثة قرون ونصف، وبمجرد أن أسس يغمراسن ملك أسرته أسس فيها الدواوين واتخذ أديبا من أبرع الأدباء الأندلسيين كاتبا له هو أبو بكر محمد بن عبد الله بن خطاب الغافقى من أهل مرسية، كتب قبله لأمراء غرناطة ونزل تلمسان فاتخذه كاتبا (٢) له، غير أنه توفى سريعا سنة ٦٣٦ هـ‍/١٢٣٨ م، ولم يعن المؤرخون بذكر كتّابه بعده إلا ما أشار إليه يحيى بن خلدون من أن الشاعر الكبير ابن خميس التلمسانى المترجم له بين شعراء المديح كان يكتب له، وظل-كما يبدو-يكتب لابنه عثمان الأول (٦٨١ - ٧٠٣ هـ‍) ونراه يترك تلمسان وعمله الكتابى بها فجأة سنة ٧٠٢ ويولى وجهه نحو سبتة ثم الأندلس ويتوفى فجأة. ومن أهم من خلفوه فى عمله الكتابى بتلمسان أبو عبد الله محمد بن منصور بن هدية المتوفى بأواسط (٣) سنة ٧٣٥. وينزل مصر أديب تلمسانى هو ابن أبى حجلة المتوفى بها سنة ٧٧٦ هـ‍/١٣٧٥ م وفى كتابنا عن مصر دراسة عنه وتحليل لكتابه «ديوان الصبابة». ويذكر صاحب بغية الرواد أن أبا حمو موسى الثانى (٧٦٠ - ٧٩١ هـ‍) اختار لكتابة العلامة المميزة لرسائل دولته أبا عبد الله محمد بن (٤) محمد بن المشوش، وغالبا كانت تسند إلى صاحبها رياسة الدواوين. ونحن إنما نقف فى كتاب الدولة الزيانية على أسماء، ولا نقف على كتاباتهم بحيث نستطيع أن نصفها وصفا دقيقا. وإذا كنا لاحظنا على كتاب بجاية فى عصر الدولة الحمادية شيوع السجع فى كتاباتهم فإن ذلك سيستمر عند أبى القاسم القالمى والوهرانى وابن محشرة، وقد لاحظناه عند أبى حمو موسى فى وصيته الطويلة لابنه، وحتى المؤرخون من أمثال محمد بن عبد الله التنسى فى كتابه تاريخ بنى زيان ويحيى بن خلدون لا يخلون كتابتهم التاريخية من السجع أحيانا وخاصة فى تقديمهم للأمراء الزيانيين فإنهم يعنون فيه بجمال الجرس والملاءمة بين نهايات العبارات بحيث تزدان بالسجع حلية الأدب فى زمنهم.

ونمضى إلى العهد العثمانى، وفيه ضعفت كتابة الرسائل الديوانية بالعربية لأن الدولة الحاكمة كانت تركية وكانت تعتمد على اللغة التركية فى رسائلها ومنشوراتها الديوانية إلا فى عهود باشوات أو ولاة معدودين هم: محمد بكداش ومحمد الكبير والحاج أحمد فى قسنطينة،


(١) عنوان الدراية ص ٢٨٢.
(٢) بغية الرواد ١/ ١٢٩ والإحاطة ٢/ ٢٧٥.
(٣) بغية الرواد ١/ ١١٦ والبستان ص ٢٢٥.
(٤) بغية الرواد ١/ ١٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>