فى برقة وديار المغرب، واستولى سريعا على برقة وزويلة عاصمة فزان سنة ٢٢ هـ/٦٤٢ م ودار العام ففتحت له طرابلس أبوابها سنة ٢٣ هـ/٦٤٣ م. وتوفى الخليفة عمر بن الخطاب وخلفه عثمان بن عفان فعزل عن مصر عمرو بن العاص، وولى مكانه عبد الله بن سعد بن أبى سرح، فاستأذنه فى معاودة فتح ديار المغرب، وأمدّه بجيش كبير كان به عدد من الصحابة، فاقتحم به ديار المغرب سنة ٢٧ هـ/٦٤٧ م ونازل والى بيزنطة جريجوريوس فى حصن داخل الإقليم التونسى يسمى «سبطلة» وسحق جيشه سحقا، وقتل جريجوريوس فى ساحة المعركة، وفتحت جميع البلاد التونسية أبوابها لابن أبى سرح ما عدا قرطاجة إذ ظلت بها حامية رومية. وتتبع إفريقية التونسية الخلافة الأموية ويتعاقب عليها الولاة، حتى إذا وليها عقبة بن نافع سنة ٥٠ هـ/٦٧١ م أنشأ مدينة القيروان أى المعسكر وأتمها سنة ٥٥ هـ/٦٧٤ م واتخذها قاعدة للجيوش العربية الفاتحة للمغرب ودارا لحكومته وتدبير شئونها، وبعبارة أخرى اتخذها عاصمة للمغرب وبنى فيها جامعا كبيرا ودارا للحكومة وسرعان ما أصبحت مدينة كبرى، وعزل، وخلفه أبو المهاجر سنة ٥٥ هـ/٦٧٤ م فصمم على فتح نوميديا فى المغرب الأوسط وما وراءها من الصحارى وظل يفتح البلدان حتى انتهى إلى موريتانيا الشرقية وتلمسان، ولقيته قبيلة أوربة ورئيسها كسيلة، فهزمها وأسر كسيلة واعتنق الإسلام واعتنقه معه كثيرون من قبيلته. وعزل أبو المهاجرين سنة ٦٢ هـ/٦٨١ م وولى مكانه عقبة بن نافع ثانية، وهو يعد الفاتح الحقيقى لديار المغرب الأقصى ونشر الإسلام فيه، إذ قام بعمليات عسكرية واسعة النطاق، وبدأ بالمغرب الأوسط فانتزع ما كان لا يزال بأيدى البيزنطيين من الحصون فى إقليم الزاب، وأوغل غربا، وأعلنت له قبيلة غمارة فى شمالى المغرب الأقصى بالريف والهبط ولاءها وهادنته وسالمته، وأخضع وليلى فى منطقة فاس، وسار إلى قبيلة مصمودة فى مناطق مراكش وحاحة وجزولة ونازلها واستسلمت. ثم سار إلى السوس آخر معاقل البربر فى المغرب الأقصى، والنصر يواكبه حتى بلغ ماسة على المحيط، وأدخل فرسه فيه حتى بلغ الماء تلابيب (طوق) الفرس وهتف قائلا: «اللهم إنّي أشهدك أنى وصلت براية الإسلام إلى آخر المعمورة حتى لا يعبد رب سواك». وكان قد أوغر صدر كسيلة فرصده فى طريق عودته، حتى إذا سبقه الجيش فى الزاب بالجزائر وكان فى فئة قليلة حاصره، واستشهد البطل العظيم هو ومن كانوا معه سنة ٦٤ هـ/٦٨٣ م واستولى كسيلة بجموعه على القيروان، وتراجع زهير بن قيس خليفة عقبة عليها إلى برقة انتظارا لمدد يأتيه، وأتاه المدد مع توليته على المغرب سنة ٦٩ هـ/٦٨٨ م وينازل كسيلة ويهزمه ويقتل فى المعركة. ويتولى القيروان والبلاد المغربية بعده حسان بن النعمان سنة ٧١ هـ/٦٩٠ م وكان سياسيا قديرا يحسن تدبير الحكم فدوّن دواوين للجند وللخراج وللرسائل، وافتتح قرطاجة وطرد منها جالية الروم التى كانت تتجسس لحساب بيزنطة وبذلك أصبحت إفريقية التونسية خالصة للعرب، وأنشأ مدينة تونس لتكون قاعدة لأسطوله، وبنى بها دار صناعة تمد الأسطول