للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعصوا الذى يزجى النّمائم بينكم ... متنصّحا ذاك السّمام المنقع (١)

يزجى عقاربه ليبعث بينكم ... حربا كما بعث العروق الأخدع (٢)

وهو القائل فى رثاء قيس بن عاصم (٣):

عليك سلام الله قيس بن عاصم ... ورحمته ما شاء أن يترحّما

فلم يك قيس هلكه هلك واحد ... ولكنه بنيان قوم تهدّما

وواضح ما فى البيت الأول من روح إسلامية. وارجع إلى سويد (٤) بن أبى كاهل اليشكرى فسترى المفضل الضبى يروى له قصيدة (٥) يفخر فيها فخرا جديدا، لا عهد لنا به من قبل، فخرا إسلاميّا يذكر فيه ربّه وما أنعم به عليهم من نعم، يقول:

كتب الرحمن والحمد له ... سعة الأخلاق فينا والضّلع (٦)

وإباء للدنيّات إذا ... أعطى المكثور ضيما فكنع (٧)

وبناء للمعالى إنما ... يرفع الله ومن شاء وضع

نعم لله فينا ربّها ... وصنيع الله، والله صنع (٨)

ويمضى فيعرض لخصم دنئ النفس كان يغتابه، ونراه يصفه وصفا يستلهم فيه الآية الكريمة {(وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ)} يقول:


(١) يزجى: يدفع ويسوق. السمام: السم. المنقع: القاتل.
(٢) الأخدع: عرق فى العنق إذا ضرب أجابته العروق.
(٣) الشعر والشعراء ٢/ ٧٠٥.
(٤) انظر ترجمته فى الشعر والشعراء ١/ ٣٨٤ والأغانى (طبعة دار الكتب) ١٣/ ١٠٢ وابن سلام ص ٢٨ والإصابة ٣/ ١٧٢ والخزانة ٢/ ٥٤٦ وحديث الأربعاء لطه حسين (طبعة الحلبى) ١/ ١٩٠.
(٥) المفضليات ص ١٩٠.
(٦) الضلع: الاضطلاع بالأمر.
(٧) المكثور: المغلوب. كنع: خضع.
(٨) ربها: أتمها. صنع: صفة، لا فعل، أى قادر على أن يصنع.

<<  <  ج: ص:  >  >>