للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه تلامذة حملوا عنه كتاب سيبويه وشرحه له، منهم ابن رحمون عبد الرحمن بن محمد المصمودى، وكان من علية شيوخ سبتة، توفى سنة ٦٤٨ هـ‍/١٢٥١ م ومنهم محمد بن يحيى العبدرى الفاسى المتوفى شهيدا بجبل الفتح سنة ٦٥١ هـ‍/١٢٥٤ م.

ونلتقى فى أوائل عصر المرينيين بمحمد (١) بن الحسن الفهرى المعروف بابن المحلى وكلمة المحلى فى المغرب الأقصى تعنى-كما يقول ابن عبد الملك المراكشى-أنّ أباه كان قوالا يغنى فى المحافل والأسواق. وكان محمد من تلاميذ ابن خروف وله تقييدات على كتاب سيبويه توفى سنة ٦٦١ هـ‍/١٢٦١ م. وما تلبث فاس أن تخرج إماما نحويا مهما هو ابن آجروم (٢) محمد بن محمد بن داود الصنهاجى المتوفى بفاس سنة ٧٢٣ هـ‍/١٣٢٣ م وآجروم كلمة بربرية معناها الفقير الصوفى. وليس بين أيدينا شئ واضح عن نشأته وشيوخه، ويقال إنه لقى أبا حيان النحوى الأندلسى بمصر وأخذ عنه فى طريقه إلى الحج. وقد طارت شهرته فى العالم العربى بمتن أو مختصر فى تعليم النحو للناشئة، ويقال إنه وضعه لابنه أبى عبد الله، وظلت طويلا الجوامع الكبرى والمدارس تفتتح تعليم النحو بهذا المختصر الذى يجمع المعالم الأساسية للنحو فيما لا يزيد عن خمس وعشرين صفحة بقطع الكف وكان الأزهر-إلى عهد قريب-يجعله أول ما يدرس لطلابه فى علم النحو لإلمامه بقواعد النحو فى ترتيب بديع، ويقول السيوطى فى ترجمته له بكتابه بغية الوعاة: إنه كان على مذهب الكوفيين فى النحو لأنه عبّر عن الجر قسيم الرفع والنصب بالخفض، كما عبّر الكوفيون وقال مثلهم فعل الأمر مجزوم لا مبنىّ كما يقول البصريون، وذكر بين الأسماء الجازمة «كيفما» وهى لا تجزم فى رأى البصريين. وأولى من رأى السيوطى أن يقال إنه بغدادى مثل الزجاجى وأبى على الفارسى يختار من آراء المدرستين البصرية والكوفية ما يراه الأدق والأوفق، فقد قال مع البصريين إن المنصوب بعد كان خبر لا حال كما يقول الكوفيون، وقال فى التوابع البدل لا الترجمة ولا التبيين كما يقول الكوفيون، وقال المنادى فى مثل يا زيد مبنى على الضم لا معرب بغير تنوين كما يقول الكوفيون. ومن طريف تيسيرانه للنحو أنه قال إن المضارع بعد كى ولامها ولام الجحود وحتى والفاء والواو منصوب بهذه الأدوات لا بأن مضمرة بعدها، وبذلك أخذت فى وجوه تيسير النحو التى قدمتها إلى مجمع اللغة العربية وأقرّها. ولم يهتم بمتن الأجرومية العالم العربى وحده فقد اهتم بها العالم الغربى أيضا، فطبعها المستشرقون مرارا وترجموها إلى لغاتهم: اللاتينية والإنجليزية والفرنسية وكانت أولى طبعاتها عندهم فى روما سنة ١٥٩٢ للميلاد. ولابن العددى معاصر ابن آجروم فى قواعد العربية كتاب الكليات النحوية، وكان ابن (٢) هاني اللخمى السبتى معاصرهما المتوفى سنة ٧٣٣ هـ‍/١٣٣٣ م من أئمة العربية، وكان يدرس النحو للطلاب، ومن


(١) الذيل والتكملة ٨/ ٢/٥٢٠.
(٢) انظره فى النبوغ المغربى ١/ ٢٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>