للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليك إله الحق أرفع رغبى ... عياذا وخوفا أن تطيل ضمانيا (١)

فإن كان برءا فاجعل البرء نعمة ... وإن كان فيضا فاقض ما أنت قاضيا (٢)

وممن نحس عندهم أثر الإسلام واضحا نهشل (٣) بن حرّى فى مراثيه لأخيه مالك، وكان قد قتل بصفّين، ومن قوله فى إحداها (٤):

أناس صالحون نشأت فيهم ... فأودوا بعد إلف واتساق

أرى الدنيا ونحن نعيث فيها ... مولّية تهيّا لانطلاق

أعاذل قد بقيت بقاء قيس ... وما حىّ على الدنيا بباق

وكان بجانب من قدّمنا شعراء عرفوا برقة دينهم، ومع ذلك فحين نتعقب شعرهم نجد فيه خيوطا إسلامية تظهر فى نسجه من حين إلى حين، منهم عبد (٥) بنى الحسحاس، وكان يتغزل غزلا مفحشا جعل قومه يقتلونه لعهد عثمان ونراه يقول:

عميرة ودّع إن تجهّزت غازيا ... كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا

ويروى أنه أنشد هذا البيت عمر بن الخطاب فقال له: لو قلت شعرك مثل هذا لأعطيتك عليه. ومثله النجاشى (٦) قيس بن عمرو، الذى حدّه على بن أبى طالب فى شرب الخمر برمضان، وقد تهاجى مع كثير من الشعراء وعلى رأسهم تميم بن أبىّ بن مقبل العجلانى، وفيه وفى قبيلته يقول:

إذا الله عادى أهل لؤم ودقّة ... فعادى بنى العجلان رهط ابن مقبل (٧)

قبيّلة لا يغدرون بذمّة ... ولا يظلمون الناس حبّة خردل


(١) الضمان: ما يصيب الإنسان فى جسده من مرض أو زمانة.
(٢) فيضا: موتا.
(٣) انظر فى ترجمته ابن سلام ص ٤٩٥ والشعر والشعراء ٢/ ٦١٩ والأغانى ٩/ ٢٧٠ والإصابة ٦/ ٢٦٨ والخزانة ١/ ١٤٧.
(٤) أمالى المرتضى ٢/ ٢٢٦.
(٥) انظر ترجمة عبد بنى الحسحاس فى أغانى (ساسى) ٢٠/ ٢ وما بعدها والشعر والشعراء ١/ ٣٦٩ وابن سلام ص ١٥٦ والإصابة ٣/ ١٦٣ والخزانة ١/ ٢٧١ وشرح شواهد المغنى ١١٢. وقد نشرت دار الكتب المصرية ديوانه.
(٦) راجع فى ترجمة النجاشى الاشتقاق لابن دريد (نشرة الخانجى) ص ٤٠٠ والشعر والشعراء ١/ ٢٨٨ والإصابة ٦/ ٢٦٣ والخزانة ٤/ ٣٦٨.
(٧) البيت دعاء على بنى العجلان، وواضح أن النجاشى يرميهم بأن أحسابهم لئيمة خسيسة.

<<  <  ج: ص:  >  >>