للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ونراه فى ركبه حين جاز إلى الأندلس سنة ٥٦٣ هـ‍/١١٦٩ م وكان قد جمع جموعه يريد منازلة محمد بن سعد بن مردنيش، ونازله أخوه عثمان صاحب غرناطة وتوفى، فبايع أبناؤه يوسف وانتهت ثورته. ونرى الجرّاوى يمدحه فى هذه الأثناء بقصيدتين يقول فى إحداهما مشيرا إلى المتمردين عليه:

تنال المارقين بكلّ أرض ... ولا طارت-ولا نقلت-خطاها

ويقول فى الثانية:

لو كانت الجوزاء من أعدائه ... لم تنج من غاراته الجوزاء

وكانت آخر معارك جيش الموحدين فى الأندلس لعهد يوسف معركة البيبوج فرناندو بن ألفونس سنة ٥٦٩ وفيها كان النصر حليف الموحدين ووقف الجراوى بين يدى يوسف ينشده مدحة طنانة، وفيها يقول:

عن أمركم يتصرّف الثقلان ... وبنصركم يتعاقب الملوان (١)

وبما يسوء عدوّكم ويسرّكم ... تتحرّك الأفلاك فى الدّوران

جاهدتم فى الله حقّ جهاده ... ونهضتم بحماية الإيمان

وتركتم أرض العدى وقلوبهم ... فى غاية الرّجفان والخفقان

وغزاهم الدين الحنيفىّ الذى ... كتب الظّهور له على الأديان

والبيتان الأولان من نوع مغالاة ابن هاني فى المعز الفاطمى ومديح ابن حبوس فى عبد المؤمن مما مرّ بنا وأشرنا إليه. وهو يضفى على يعقوب-كما أضفى على أبيه يوسف وجده عبد المؤمن- غير قليل من القدسية وقد مدحه مرارا حين انتصر أسطوله على ابن غانيّة فى بجاية، وحين واقعه جيشه وهزمه، وحين فتح قفصة جنوبى إفريقية التونسية، وحين قضى على بعض الثوار. وفى سنة ٥٨٧ هـ‍/١١٩١ م استرد يعقوب مدينة شلب بغربى الأندلس، وعاد يعقوب إلى عاصمته مراكش، وهنأه الشعراء بهذا النصر المبين، وأنشده الجراوى قصيدة يقول فيها:

إياب الإمام حياة الأمم ... توالى السرور به وانتظم

وجاد به الأرض صوب الحيا ... وجلّى الظّلام به بدر تمّ (٢)

فشكرا لخيل وفلك دنت ... بمستأصل الظّلم ماحى الظّلم

إذا حلّ فى بلدة أمرعت ... فطاب جناها وفاح المشم (٣)

وقام بأقطارها عدله ... وصوب نداه مقام الدّيم (٤)

سل الدّهر عن بطشه بالعدا ... تجب من وراء الدروب العجم


(١) الثقلان: الإنس والجن. الملوان: الليل والنهار.
(٢) صوب الحيا: انسكاب الغيث. بدرتم: البدر فى اكتماله.
(٣) أمرعت: أخصبت. جناها: ثمرها. المشم: الشذا.
(٤) نداه: كرمه. الديم جمع ديمة: المطر يطول فى سكون.

<<  <  ج: ص:  >  >>