للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو يقول إنه وثق بالله ربه، وحسبه هذه الثقة فليس فوقها ولا بعدها ثقة والله كافينى وحامينى وواقينى ودافع عنى كل خطب وكل بلاء أتعرض له، ولذا لا أخشى أحدا ولا أخشى شيئا، فقد وثقت بالله ثقة لا حدّ لها، ثقة بلغت فيها كل مرادى وكل ما أؤمله فى حياتى، مما يحق لى أن أهنّا بها مع صحبى الذين يثقون فى ربهم. ونلتقى بأبى عبد الله محمد بن عبد الرحمن المعروف بابن يجيش المتوفى سنة ٩٢٠ للهجرة، وله فى معارضة قصيدة ابن النحوى المذكور فى تونس (١):

اشتدّى أزمة تنفرجى ... قد أبدل ضيقك بالفرج

مهما اشتدت بك نازلة ... فاصبر فعسى التفريج يجى

مولاك ارغب فإجابته ... للمضطرين على درج

وألحّ عليه بمسألة ... فهو الجواد فسل وهج

أخلص فيما تدعوه وقل ... يسّر عسرى وأزل حرجى

لا حيلة لى لا قوّة لى ... إلا بك يا محيى المهج

وهو مؤمل فى رأيه ولا ييأس أبدا، ولذلك يقول أيتها الأزمة المارة بى اشتدى ومهما اشتددت فلا بد من الفرج وانحسارك عنى، ويتجه إلى قارئه، فمهما اشتد بك خطب أو حادثة فادحة فلتصبر فعسى الفرج يأتيك سريعا. واقصد مولاك بالسؤال أن يلطف بك فإجابته للمضطرين قريبة المنال، ولتدعه ولتلح عليه فى الدعاء، إذ هو الكريم الذى لا حد لكرمه، فسله وكرر السؤال، فإنه يجيب المضطر إذا دعاه، وأخلص فى دعائك والزلفى إليه، وقل رب يسّر عسرى وأزل ما أنا فيه من حرج وضيق واكشف غمتى، إنه لا حيلة لى ولا قدرة إلا بك يا محيى المهج والأرواح ومغيث المضطرين المكروبين. ويقول أحمد دادوش مناجيا ربه (٢):

تستر العيب تغفر الذنب تعطى ... تمنع العبد، كلّ حكمك عدل

تجبر الكسر تبدل العسر يسرا ... تكشف الضرّ كلّ ذلك بذل

لم تزل محسنا غنيّا كريما ... أنت هو الخالق المعزّ المذلّ

فقراء وأغنياء على البا ... ب وقوف لهم خضوع وذلّ

وهو يذكر لله صفاته الربانية، فهو يستر العيب ويغفر الذنب ويعطى من غير حساب ويمنع لا رادّ له، وكل أفعاله عدل مطلق، إنه يجبر الكسر الذى لا يمكن جبره، ويبدل العسر يسرا ويكشف الضر، وكل ذلك كرم ليس وراءه كرم، وسبحانك ما أعظم شأنك لم


(١) الوافى ٢/ ٦٠٥.
(٢) الوافى ٣/ ٨٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>