للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عياش من أهل برشانة كما أسلفنا: رسالة عن يعقوب واثنتان عن ابنه الناصر، ويقول ابن الأبار فى ترجمته له بكتابة التكملة إن السلطان (يعقوب) بالمغرب استكتبه فى سنة ٥٨٦ فنال دنيا عريضة (١) إذ كان صاحب القلم الأعلى-كما يقول ابن الخطيب فى الإحاطة-على عهد المنصور وابنه الناصر ونضيف أيضا على عهد المستنصر حتى سنة ٦١٨ كما مرّ بنا، ويقول ابن الخطيب إنه كان لا يكلم أحدا من الناس إلا بكلام معرب. ويقول المراكشى فى المعجب: جرى الكتاب بعده على أسلوبه، وسلكوا مسلكه لما رأوا من استحسان خلفاء الموحدين لطريقته (٢): وفى رأينا أنهم اتبعوا طريقته فى الكتابة هو وكبار الكتاب الأندلسيين المذكورين منذ عصر المرابطين كما قلنا آنفا. وذكرنا أن أبا الحسن بن عياش له فى مجموع الرسائل الموحدية ثلاث إحداها على لسان عبد المؤمن وهى تتبع الأسلوب الثانى الذى ذكره القلقشندى مبتدئة بالبعدية على هذا النحو (٣):

«أما بعد حمد الله الذى عمّ بنواله، وخصّ أهل ولايته بقبوله وإقباله، والصلاة على محمد عبده ورسوله، وعلى صحبه الأكرمين وآله، والرضا عن الإمام المعصوم، المهدى المعلوم، القائم بإتمام أمر الله وإكماله، المؤيد بالآيات العصمية، والبيّنات الحكمية، فى كافّة أقواله وأعماله، فإنا كتبناه إليكم-كتب الله لكم أعمالا زاكية نامية، وآمالا فى بلوغ مرضاته مساعفة مؤاتية-من حضرة مراكش-حرسها الله-وكوافل العصمة لهذا الأمر العزيز تضرب بقدحها الأعلى (٤)، وتوجب على [أهل] (٥) الاتصال حظوة الامتثال (٦) لأهل كلمة الله العليا، وتجمع لهم [وعدا (٧)] حتما مقضيا، ووعدا [حتما (٧)] مأتيّا بين خير الآخرة وخير الدنيا. وبثبوت هذه القاعدة تستوثق (٨) أحوال هذا الأمر الكريم على مقتضى الأقدار المساعدة، وتستنّ اطرادا واتساقا على طريقة واحدة».

وفى جميع الرسائل فى هذه المجموعة الموحّدية نجد الصلاة على ابن تومرت والإشادة به وأنه الإمام المهدى المعصوم مستعيرة هذه الألقاب كما مرّ بنا من الشيعة الإمامية، ويضيف أبو الحسن عبد الملك (بن عياش أنه قام بإتمام أمر الله وإكماله) يشير بذلك إلى المبدأين المتممين لدعوته: مبدأ الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ومبدأ التوحيد بمعنى تنزيه الله عن التشبيه بالمخلوقات. ويجعل أبو الحسن كوافل العصمة شاملة لعهد عبد المؤمن، ويسميه مع شيوخ الموحدين أهل كلمة الله العليا، وكلمته-فى رأيه-إنما هى دعوة الموحدين بمبادئها التى ذكرناها. والرسالة


(١) التكملة لابن الأبار (طبع مدريد) رقم ٩٥٢.
(٢) المعجب ص ٣٣٩.
(٣) مجموع رسائل موحدية (طبع الرباط) ص ٩٣.
(٤) القدح الأعلى: الحظ الأوفر، وأصله أهم قداح الميسر.
(٥) زيادة للسياق.
(٦) فى الأصل: الاحتصال.
(٧) زيادة بدلالة السياق.
(٨) فى الأصل: تستوسق.

<<  <  ج: ص:  >  >>