للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موجهة من عبد المؤمن إلى طلبة (دعاة) بعض مدن الأندلس يخبرهم بوصول رسالتهم فى غزواتهم للروم ويحرضهم على حربهم واستئصال شأفتهم وجذورهم. ولأبى الحسن عبد الملك بن عياش رسالة (١) عن يوسف بن عبد المؤمن إلى محمد بن سعد المعروف بابن مردنيش الثائر فى شرقى الأندلس يدعوه سنة ٦٦٤ هـ‍/١٢٦٤ م إلى الدخول فى طاعة الموحدين، وهى فى فاتحتها تتبع الأسلوب الأول الذى ذكره القلقشندى، وتستهل بهذه الصورة:

«من أمير المؤمنين بن أمير المؤمنين-أيّده الله بنصره، وأمدّه بمعونته-إلى أمير شرق الأندلس أبى عبد الله محمد بن سعد-أمدّه الله بتوفيقه، وأعزّه بطاعته وتقواه-سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد فإنا نحمد إليكم الله الذى لا إله إلا هو، ونشكره على آلائه ونعمه، ونصلّى على سيدنا محمد نبيّه ورسوله، والحمد لله الذى أقام لأمره الذى هو سفينة النجاة، وعصمة المحيا والممات، دعاة يأخذون بالحجز عن النار، ويقيمون لمن ضلّ السبيل، وعدم الدليل، من معالم الهداية إلى صراطه الواضح، ومنهجه اللائح، أهدى علم وأرفع منار، ويتقدمون فى إبلاغ حجته، وإيضاح محجّته (٢)، ببوالغ الإنذار والإعذار، ويصرّفون بما أودعوا من سرّه المكنون، لبثّه فى الظهور والبطون، والسهول والحزون، وجوه العناية الآخذة بمجامع الأقطار، الموجهة بالإعراض عن الأعراض إلى ما يقضى بهذه الخليقة، من ركوب هذه الطريقة، إلى سعادة هذه الدار، وسعادة تلك الدار (الآخرة) وصلّى الله على محمد عبده ورسوله مشكاة الأضواء والأنوار، ولباب الاجتباء والاختيار، المحبو (٣) بمعدن بيته الأشرف، ونسبه الأشهر الأعرف، سرّ هذا النبأ السيار وارث ذلك المقام الذى هبّت تباشيره بأسماع ذوى الإصاخة (٤) لمواقع الاستبشار، ورضى الله عن الإمام المعصوم، المهدى المعلوم، القائم بأمر الله على أوفى الاعتقاد بتأييد الله وأتم الاستظهار، الماضى قدما فى التصميم وإنفاذ العزيم (٥) على أمر طلق وأبعد مضمار، المعان فيما دعا إليه، ونبّه عليه، بالعصمة التى لا تضرّه معها إبائة أباة (٦) ولا كفر كفار. وعن خليفته وصاحبه الإمام أمير المؤمنين، ممشّى أمره العزيز على ما له (٧) من المراسم المحفوظة والآثار، ومقيمه على حدوده المكلوءة الملحوظة دون ونية ولا إقصار، والناصر له بكل معنى تتوجّه إليه داعية الاستبصار».

وهو يحمد الله فى فاتحة الرسالة لإسناده الأمر إلى يوسف بن عبد المؤمن وشيوخ الموحدين، ويسميهم دعاة، ويقول إنهم يحجزون بدعوتهم الناس عن النار ويقيمون لهم أهدى علم وأرفع


(١) تنظر مجموع رسائل موحدية ص ١٤١ وما بعدها.
(٢) فى الأصل: نجحته.
(٣) فى الأصل: المخبوء.
(٤) فى الأصل: الإضاحة.
(٥) فى الأصل: العريم.
(٦) فى الأصل: أبّاء.
(٧) فى الأصل مآله.

<<  <  ج: ص:  >  >>