غربى الصحراء الكبرى، إذ حفر عليه من سجلماسة فى جنوبى المغرب الأقصى إلى بلاد السودان الغربى آبارا للقوافل التجارية تنزل عندها وتأخذ كفايتها من الماء فى مسيرتها الصحراوية.
وأخذ الإسلام يتسرب سريعا إلى بلاد السودان الغربى عن طريق القبائل الصنهاجية فى موريتانيا والتجار المسلمين، ويقول أبو عبد الله البكرى فى كتابه المغرب فى ذكر بلاد إفريقية والمغرب إن بنى أمية أرسلوا جيشا لفتح بلاد السودان، واستقرت ذرية منه فى بلاد غانة، وكانت حينئذ تقع فى شرقى السنغال الحديثة وجنوبى مالى الحديثة أيضا، وإذا صح ذلك فإن هذا الجيش حمل قديما إلى ديار السودان الغربى الدين الحنيف وبقى هناك من يدعو إليه، ويتصل بذلك ما جاء فى صبح الأعشى من أن أهل غانة أسلموا فى أول الفتح. ونجد القبائل الصنهاجية-وخاصة لمتونة-تتجمع فى مدينة أودغست جنوبى منطقة آدرار وتحدث فيها ما يشبه إمارة-ويسميها بعض جغرافيى العرب مملكة-ويذكر ابن أبى زرع من أمرائها أو شيوخها أو ملوكها-كما يقول-تيلوتان وكانت ولايته مسيرة ثلاثة أشهر فى مثلها كلها عامرة، وكان يركب فى مائة ألف بعير، وهو عدد ضخم من الإبل، وكان فى زمن عبد الرحمن الداخل سلطان الأندلس (١٣٨ - ١٧٠ هـ) وطال عمره إلى أن توفى سنة ٢٢٢ هـ/٨٣٦ م وكانت أيام حكمه خمسا وستين سنة، ودان له-كما يقول ابن أبى زرع-أزيد من عشرين ملكا من ملوك السودان. ولم يكونوا ملوكا بالمعنى الحقيقى لكلمة ملوك، إذ لم تكن لهم حكومات ولا دساتير دول، إنما كانوا زعماء لأقوامهم، وربما كانوا شيوخ-أو سادة- قبائل، وأكبر الظن أن فى هذا العدد من الزعماء مبالغة. وخلفه حفيده الأثير بن فطر، فقام بأمر صنهاجة الصحراوية أو الموريتانية خمسا وستين سنة إلى أن توفى سنة ٢٨٧ هـ/٩٠٠ م وولى بعده ابنه تميم إلى أن توفى سنة ٣٠٦ هـ/٩١٨ م. واضطربت شئون صنهاجة الموريتانية بعده فترة ثم اجتمعت على يروتان بن ونسبو بن نزار اللمتونى الأودغستى فملك الصحراء بأسرها على عهد عبد الرحمن الناصر (٣٠٠ - ٣٥٠ هـ) وابنه المستنصر (٣٥٠ - ٣٦٥ هـ) وكان يركب-مثل تيلوتان فى مائة ألف بعير، وكان حكمه مسيرة شهرين فى مثلها ودان له عشرون ملكا من ملوك السودان-مثل تيلوتان-يؤدون له الجزية، وملك من بعده بنوه ثم افترقت كلمة الصنهاجيين، وعظم أمر مملكة غانة واستولت على أودغست، وكانت تموّن بلاد السودان بالملح الوارد إليها من تغازى ومن أجله استولت عليها غانة.
وتتجمع صنهاجة تحت لواء الشيخ أو الأمير أبى عبد الله محمد بن تيفاوت المعروف باسم تاوشتا اللمتونى وكان من أهل الدين والفضل والصلاح والجهاد والحج، وظل أميرا على صنهاجة الموريتانية مدة ثلاث سنوات إلى أن استشهد فى إحدى غزواته. وولى أمر صنهاجة