للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الموريتانية بعد تاوشتا اللمتونى صهره يحيى بن إبراهيم الكدالى، وخرج فى سنة ٤٢٧ هـ‍/١٠٣٥ م لأداء فريضة الحج والزيارة النبوية فى رؤساء من قومه، وفى عودته اجتمع فى القيروان بأبى عمران الفاسى شيخ المذهب المالكى بها المتوفى سنة ٤٣٠ هـ‍/١٠٣٨ م وعرّفه بما فى صنهاجة الصحراء الموريتانية من الجهل بشئون الدين الحنيف وتعاليمه، وسأله أن يوجه معه أحد تلاميذه ليبصّرهم بأمور دينهم، وعرض الشيخ رغبته على تلاميذه، فلم يستجب منهم أحد، فكتب له رسالة إلى فقيه من تلاميذه بمدينة سجلماسة جنوبى المغرب الأقصى هو محمد وجاج أو وقاق بن زلو اللمطى. وطلب إليه فى رسالته أن يعرض الأمر على طلابه، لعل واحدا منهم يقبل المسيرة مع يحيى الكدالى، وقبلها فقيه تقى ورع من تلاميذه هو عبد الله بن ياسين الجزولى.

ورجع يحيى الكدالى إلى قومه الصنهاجيين بعبد الله بن ياسين فأخذ يحفّظهم القرآن الكريم ويقفهم على تعاليم الدين الحنيف، ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، فالتفوا حوله، وبعد فترة ازورّوا عنه، وتوفّى حاميه يحيى الكدالى فأجمعوا على الانصراف عنه لما يأخذهم به من مشاق التكاليف الدينية. وأخذ يفكر فى تركهم والعودة إلى موطنه، غير أن زعيما من لمتونة الصنهاجية الموريتانية هو يحيى بن عمر أشار عليه أن يعتزل معه للعبادة والنسك فى جزيرة على مقربة من مصب نهر السنغال، ونزلاها معا، ونزلها معهما سبعة من قبيلة كدالة الصنهاجية، وبنى بها عبد الله بن ياسين رباطا للنسك، وأخذ يلتحق به عشرات من أشراف صنهاجة، كان يفقههم فى الدين، حتى إذا بلغوا ألفا قال لهم: إن ألفا لن يغلبوا من قلة، وقد تعيّن علينا-أيها المرابطون-القيام بالحق والدعاء إليه، وحمل الكافّة عليه، وبذلك سماهم: المرابطين، وغلب هذا الاسم على صنهاجة الصحراوية الموريتانية بجانب الاسم القديم: الملثمين، وخرجوا معه، وجعل أمرهم فى الحرب إلى الأمير يحيى بن عمر اللمتونى، وقتل هو ويحيى من استعصى على الحق من قبائل صنهاجة الموريتانية، ومضيا فى سنة ٤٤٢ هـ‍/١٠٥٠ م يدعوان إلى الإسلام فى سودانيى التكرور وحوض السنغال الأدنى وما وراءه من بلاد السودان الغربى فى غانة وغير غانة. وفى سنة ٤٤٧ هـ‍/١٠٥٥ م كاتبهما فقهاء سجلماسة ودرعة جنوبى المغرب الأقصى وصلحاؤهما كى ينقذا البلاد مما فيها من المنكرات ومن ظلم الولاة والحكام، فاتجها بجيش جرار إليهم، وتم لهما النصر، وأزالا ما بالبلدتين من المنكرات وأسقطا ما كان بهما من المغارم والمكوس، وجعلا عليهما عاملا أو واليا من لمتونة، وعادا إلى صحراء موريتانيا وإلى جهاد الوثنيين فى بلاد السودان، وتوفى الأمير يحيى بن عمر فى شهر المحرم سنة ٤٤٨ هـ‍/١٠٥٦ م وقدّم الفقيه عبد الله بن ياسين أخاه أبا بكر بن عمر اللمتونى مكانه وقلده أمر الحرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>