من قبيلتى بلىّ وجهينة للرعى وللتجارة ولاستخراج الذهب فى منطقة العلاقى، وعبرت البحر الأحمر جماعات من هوازن ونزلت فى إقليم البجة ثم رحلت إلى منطقة كسلا داخل السودان. ونجد البجة فى عهد المتوكل تعود إلى العصيان وتحاول الاستيلاء على مناجم الذهب فى العلاقى من أيدى العرب، ويرسل إليهم المتوكل جيشا سنة ٢٤٠ هـ/٨٥٤ م بقيادة محمد بن عبد الله القمى ويتغلب عليهم، ويطلب ملكهم الصلح على أن لا يتعرض للعرب العاملين فى معدن الذهب ويدفع الخراج المفروض سنويا. ويزور بغداد وتبهره حضارتها.
وعند ما استولى أحمد بن طولون على زمام الحكم بمصر سنة ٢٥٥ هـ/٨٦٨ م أرسل إلى بلاد البجة والنوبة حملة بقيادة أبى عبد الرحمن عبد الله بن عبد الحميد العمرى واشترك فيها كثير من قبيلتى ربيعة وجهينة، ونزل كثير من جنوده فى النوبة وأرض البجة. ويذكر المسعودى الذى زار مصر سنة ٣٢٨ هـ/٩٤٠ م أن ربيعة اختلطت بالبجة فى أرض المناجم وأصبحوا أسرة أو قبيلة واحدة. ويذكر المقريزى أن ابن طولون جنّد من النوبيين أربعين ألفا ألحقهم بجيشه، ولا بد أنهم جميعا أسلموا أو لعل كثيرين منهم كانوا مسلمين قبل استخدامه لهم.
وبدون ريب هيّأ نزول القبائل العربية الكثيرة فى البجة والنوبة لاعتناق كثيرين منهما الإسلام، ومع ذلك ظلت الكثرة فى النوبة مسيحية. ويزور بلاد النوبة فى أوائل عهد الفاطميين ابن سليم الأسوانى، ويروى المقريزى عنه أن المسلمين هناك معزّزون وفى حالة استقرار وأنّ كثيرين من النوبيين اعتنقوا الإسلام مع تمسكهم بلغاتهم وجهلهم للعربية. ويذكر ابن سليم أن المسلمين تغلغلوا فى الأراضى السودانية حتى علوة جنوبى الخرطوم، واستطاعوا فى القرن الرابع الهجرى/العاشر الميلادى أن يبنوا لهم مسجدا فى سوبا عاصمة علوة. وكانت أم الخليفة المستنصر الفاطمى فى القرن الحادى عشر الهجرى سودانية وبلغ المجندون من النوبة فى الجيش الفاطمى-بتشجيع منها-خمسين ألفا. وأصبح للعرب من بنى ربيعة-فى العهد الفاطمى- مساكن على وادى العلاقى الممتد من أسوان إلى عيذاب على البحر الأحمر وما به من مناجم الذهب، وفى سنة ٤٧٠ هـ/١٠٧٧ م أعلن شيخهم دخوله فى طاعة الفاطميين فلقّبه الخليفة الفاطمى المستنصر بلقب كنز الدولة وعرف قومه بالكنوز، ولما استولى الأيوبيون على صولجان الحكم فى مصر من أيدى الفاطميين انسحب عرب الكنوز من حدود أسوان إلى بلاد النوبة. وكان ثغر عيذاب قد ازدهر منذ العصر الفاطمى بسبب احتلال حملة الصّليب لفلسطين وقيام مملكة بيت المقدس وتحوّل الطريق الرئيسى لحجاج مصر والبلاد المغربية إليه.
وفى سنة ٦٧٠ هـ/١٢٧٢ م أغار النوبيون على ميناء عيذاب ونهبوا متاجره وقتلوا القاضى والوالى عليه من قبل مصر لعهد الظاهر بيبرس، وأغاروا على أسوان ونهبوا أسواقها، وأرسل بيبرس فى السنة التالية حملة إلى النوبة يقودها والى قوص، ووصل إلى دنقلة وملك النوبة داود يفر أمامه. وجاء إلى القاهرة ابن أخته شكنده متظلما منه، وانتهز الفرصة بيبرس، فجهز له