سنة ٥٦١ هـ/١١٦٥ م وله كتابان مطبوعان هما سر الأسرار والغنية لطالبى الحق، وطريقته إحدى طريقتين صوفيتين سنيتين والثانية الطريقة الرفاعية للشيخ أحمد الرفاعى المتوفى سنة ٥٧٨ هـ/١١٨٢ م أشاعتهما بغداد فى العالم العربى، ويقول ابن تغرى بردى عن الجيلانى إنه «أحد المشايخ الذين طنّ ذكرهم فى الشرق والغرب».
ونزل الشيخ تاج الدين البهارى البغدادى مدينة سنار حوالى سنة ٩٥٢ هـ/١٥٤٥ م وأخذ يدعو للطريقة الجيلانية، وحظيت دعوته بنجاح كبير فى دولة الفونج وبخاصة فى أرض الجزيرة التى أقام بها سبع سنوات، وجاءه السودانيون من كل مكان لينظمهم فى سلك الطريقة القادرية، وأخذ العهد على كثيرين من أهمهم محمد الأمين بن عبد الصادق جد الصادقاب فى إقليم سوكى بين واد مدنى والقضارف والشيخ عجيب المانجلك جد العبدلاّب وعبد الله دفع الله العركى جد العركيين وبان النقا الضرير جد اليعقوباب ويقال إن الشيخ البهارى قلّده شعار الرياسة بعده فى دولة الفونج. وهؤلاء الأربعة سيطروا على السلطة الروحية وورّثوها أبناءهم، وارتحل الشيخ البهارى إلى تقلى وأدخل فى الطريقة عبد الله الحمال جد الشيخ حمد ولد الترابى مع جماعته. وتفرعت عن هذه الطريقة فى أواخر دولة الفونج الطريقة السمانية على يد الشيخ أحمد الطيب ود البشير المتوفى سنة ١٢٣٩ هـ/١٨٢٣ م. وكل هؤلاء وذرياتهم ظلوا قائمين على الطريقة القادرية ناشرين لها ومسيطرين على السلطة الروحية فى السودان إلى اليوم.
وبجانب الطريقة القادرية الصوفية عرف السودان فى دولة الفونج الطريقة الشاذلية الصوفية ويبدو أن معرفته بهذه الطريقة تسبق زمنيا قيام دولة الفونج. فقد نزله أحد أتباعها المغاربة- وهو حمد أبو دنانة زوج بنت الشيخ محمد بن سليمان الجزولى مؤلف دلائل الخيرات وداعية الطريقة الشاذلية فى المغرب منذ سنة ٨٤٩ هـ/١٤٤٥ م. ومعروف أن أبا الحسن الشاذلى مؤسس هذه الطريقة نزل مصر ودعا إلى طريقته وتبعه خلق كثير، وتوفى سنة ٦٥٦ هـ/١٢٥٨ م وظلت طريقته إحدى الطرق الصوفية السنية الأساسية فى مصر. ومن أهم دعاتها فى السودان أيام الفونج الشيخ خوجلى عبد الرحمن المحسى المتوفى سنة ١١١٥ هـ/١٧٤٣ م واشتهر بعده بالدعوة لها الشيخ حمد المجذوب المتوفى سنة ١١٩٠ هـ/١٧٧٦ م وكان قد زار مصر والحجاز وأسس للشاذلية فرعا فى مدينة الدامر شمالى الخرطوم وسميت طريقته باسم طريقة المجاذيب، ومعروف أن الطريقة الشاذلية تقوم على التمسك بالكتاب والسنة والشريعة المحمدية بجانب النسك والعبادة وصدق القلب والشعور الباطنى الصوفى، وهاجم الشاذلى بشدة حياة الخانقاهات والتسول التى كان يعيشها الدراويش الرّحّل. وبجانب هاتين الطريقتين كان بعض السودانيين يأخذون طريقتهم الصوفية عن حجازيين فى أثناء حجهم أو عن مصريين فى أثناء دراستهم بالأزهر وأحيانا عن بعض أهل تمبكتو كما حدث للشيخ خوجلى عبد الرحمن الشاذلى المذكور