للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والصّوت واللّون والمعايش وال‍ ... أخلاق شتّى وفرّق الكلما

ثمّت لا بدّ أن سيجمعكم ... والله، جهرا، شهادة قسما

فائتمروا الآن ما بدا لكم ... واعتصموا إن وجدتم عصما

فى هذه الأرض والسماء، ولا ... عصمة منه إلا لمن رحما

يا أيها الناس هل ترون إلى ... فارس بادت، وخدّها رغما (١)

أمسوا عبيدا يرعون شاءكم ... كأنما كان ملكهم حلما

أو سبأ الحاضرين مأرب إذ ... يبنون من دون سيله العرما

فمزّقوا فى البلاد واعترفوا ال‍ ... هون وذاقوا البأساء والعدما (٢)

وبدّلوا السّدر والأراك به ال‍ ... خمط وأضحى البنيان منهدما (٣)

والنابغة فى مطلع هذه العظة يثنى على الله بما هو أهله، مقررا إيمانه بوحدانيته وأنه لا شريك له، ونحسّ أنه يستعير لفظه من الذكر الحكيم، فهو يستهل قوله بكلمة «الحمد لله» ولا يلبث أن يستلهم مثل قوله تعالى: {إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ النّاسَ شَيْئاً وَلكِنَّ النّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ»}. ويتحدث فى البيت الثانى عن نظام الكون المنبئ عن قدرة الله وجليل صنعه له وتقديره على نظام بديع، مستعيرا من القرآن نفس لفظه فى قوله جلّ وعز: {(قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ. .} {.}

{بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَتُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ).}

وفى البيت الثالث مضى ينظم قوله تعالى: {(اللهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها).} وخرج فى البيت الرابع من خلقه للكون إلى خلقه للإنسان واستمر ينظم مثل قوله جلّ وعز: {(وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ).} وهو يمضى فيتحدث عن البعث والنشأة الثانية محذرا مخوما. وما يلبث أن يتحدث عن


(١) رغم الخد: كناية عن الذل.
(٢) اعترفوا الهون: عرفوه.
(٣) السدر والأراك: شجر لا ينتفع بثمره الخمط: ثمر الأراك أو هو نبت مر.

<<  <  ج: ص:  >  >>