للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيس عيلان فى نجد، وأهم قبائلها هوازن، وسليم، وعامر وعشائرها كلاب وعقيل وقشير ومزينة وبنو سعد، وغطفان وفرعاها الكبيران: عبس وذبيان.

وفى المفضليات قصيدة طريفة للأخنس بن شهاب يحصى فيها منازل كثير من هذه القبائل (١).

وهذه الأنساب التى قدمناها كان يؤمن بها العرب إيمانا شديدا، وظلوا على هذا الإيمان فى الإسلام، فتكتلوا على أساسها فى مجموعتين كبيرتين: مجموعة قحطانية يمنية، ومجموعة مضرية عدنانية، وكان التنافس شديدا بين الطرفين، وكثيرا ما جرّ إلى منازعات فى الكوفة والبصرة كما جر إلى حروب فى الجيوش المقاتلة فى أقصى الشرق بخراسان وفى أقصى الغرب بالأندلس، فكانت تتجمع عشائر كل فريق حين تصطدم مصلحة عشيرة يمنية بمصلحة عشيرة مضرية، وسرعان ما تنشب بين الفريقين معارك دامية.

ومن المؤكد أن عرب الجاهلية كانوا يتمسكون بهذه الأنساب التى أجملناها وعنهم ورثها أبناؤهم فى الإسلام، وهى تؤلف علما واسعا عند العرب هو علم الأنساب، وكأنهم رأوا فى النسب ما نراه نحن الآن فى الوطن، فكل قبيلة تؤمن بنسبها وتعتز به وبأنها تعود إلى أصل واحد، فهى من دم واحد ولحم واحد، ومن أجل ذلك عبروا عن القرابة باللّحمة كما عبروا عن عشائرهم وفروعهم بالبطن والفخذ.

وهذه القبائل جميعها المتبدية منها والمستقرة فى مدن كمكة والحيرة كانت تتحد فى نظمها السياسية، وهى نظم قبلية، تقوم على أساس القبيلة واشتراك أبنائها فى أصل واحد وموطن واحد، وهو موطن متنقل مع المراعى، وكذلك اشتراكها فى تقاليد وعرف تتمسك بهما تمسكا شديدا. وكان الرباط الذى يوثق الصلة بين أفراد القبيلة هو العصبية، وهى عصبية قبلية، ليس فيها شعور واضح بالجنس العربى العام، وحقّا تكونت عندهم إمارات فى الشمال، ولكنها ظلت تقوم على أساس العصبية القبلية، وإن بدا فى تضاعيفها شعور ضئيل بالوحدة، لا بين القبائل الشمالية فحسب، بل بينها وبين القبائل الجنوبية، فقد كان أمراء هذه الولايات من العرب الجنوبيين كما يقول رواة الأخبار والنسابون، وإنما نقول


(١) المفضليات، القصيدة رقم ٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>