وكل ما أعطى للمسلمين المحاربين والشعوب المفتوحة من حقوق.
وقد مضى فاتحو الثغور فى عهد عثمان يكتبون عهودهم لمن يغلبون عليهم أو يدخلون فى طاعتهم دون حرب مقتدين بما رسمت العهود فى عهد عمر وأبى بكر، وكان عثمان يكتب أحيانا إلى ولاته فى الحرب والسلم. وخلفه علىّ فكثرت الحاجة بحكم حروبه إلى مكاتبات مختلفة بينه وبين الخارجين عليه. ومن أهم ما كتب حينئذ وثيقة (١) التحكيم بينه وبين معاوية.
وواضح من ذلك كله أن الكتابة تطورت تطورا واسعا فى هذا العصر، فقد تعددت الموضوعات التى تناولتها والتى لم يكن للعرب بها عهد قبل الإسلام ورسالة صاحبه النبوية، إذ أخذت تحمل مجموع النظم الجديدة التى قامت عليها دولة الإسلام العتيدة. وكان الرسول عليه السلام هو الذى ذللها لتحمل هذه النظم، وخلفه عليها قواد الجيوش فى عهودهم للبلاد المفتوحة وخلفاؤه الذين فصلّوا هذه النظم وطابقوا بينها وبين حاجات المسلمين من جهة وحاجات من غلبوا عليهم من جهة أخرى، ولعمر من بينهم فى ذلك القدح المعلّى إذ ساعدت كتبه الكثيرة فى الفتوح وإلى الولاة على أن ينال النثر الكتابى كل ما كان ينتظره زمن الخلفاء الراشدين من تطور ونهوض.