للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستظهر ما سينيون فى كتابه عن خطط الكوفة أنه كان لقبيلة طيئ، وربما شركتها فيه قبيلة بكر، إذ لا نجد لها هى الأخرى ذكرا فى الأسباع السالفة.

وظلت هذه الأسباع حتى عصر زياد بن أبيه وقد جعلها أربعة ليدخل القبائل بعضها فى بعض.

وكان يكنف الكوفة من الشرق زروع ونخيل وأشجار يسقيها الفرات، وكان فى ظاهرها من الغرب الحيرة والنجف والخورنق والسّدير والغريّان ومتنزهات وديرة كثيرة (١) وبمجرد أن نزلها العرب نزلتها معهم بقايا الجيوش الساسانية التى انضمت إليهم، ويقال إنهم بلغوا أربعة آلاف، وكان نقيبهم يسمى ديلم، فنسبوا إليه، وسمّوا حمراء ديلم (٢)، ونزلها معهم أيضا رقيق الحروب التى خاضوها، وأخذ يتوافد كثير من النبط والتجار والصناع.

وقد اتخذ على بن أبى طالب الكوفة حاضرة له حين ذهب إلى حرب الخارجين عليه، بينما نزلت السيدة عائشة وطلحة والزبير فى البصرة، ووقعت بين البلدتين موقعة الجمل المعروفة وفيها علت كفة على والكوفة. ويدخل أهل البصرة فى طاعة على، ولكن تظل منذ هذا التاريخ فى صدورهم إحن لأهل الكوفة. ويخرج على بجيوشه إلى لقاء معاوية فى صفّين، وتحتدم المعركة بينهما ويشتد أوارها كما يشتد أوار الشعر بين الفئتين المتحاربتين. ويكون التحكيم.

ويخلص الأمر لمعاوية فيولّى على الكوفة المغيرة بن شعبة، ويأخذها بالرفق الشديد، حتى مع من كانوا يظهرون فيها التشيع ولا يخفونه من أمثال حجر بن عدى، وكذلك كان يصنع بالخوارج، وقد كفاه أهل الكوفة أمر المستورد ابن علّفة الخارجى حين ثار عليه، فانبروا لقتاله وقضوا عليه وعلى من تبعه وهم يتناشدون الشعر ويرمونه وجماعته (٣) به. ومات المغيرة سنة ٥٠ للهجرة فخلفه على الكوفة زياد بن أبيه، فأخذها أخذا شديدا، ولم يلبث أن ضيّق الخناق بها على حجر بن عدى وأصحابه من الشيعة، واضطرّ حجر وبعض من شايعه إلى حمل السلاح، فوقعت مناوشات بينه وبين أصحاب زياد،


(١) انظر مادة كوفة فى معجم البلدان لياقوت.
(٢) فتوح البلدان للبلاذرى (طبعة المطبعة المصرية بالأزهر) ص ٢٧٩.
(٣) طبرى ٤/ ١٤٣ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>