للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ارتفع فيها صوت الشعر (١)، وتغلب زياد عليه وعلى المتمردين معه، وأرسله فى نفر منهم إلى معاوية، فقتله فى ستة من أصحابه. وكانت تلك أول شرارة أوقدت النفوس فى الكوفة ضد الحكم الأموى، واعتبر الشيعة حجرا وأصحابه شهداء، وأخذوا يتفجعون عليهم (٢). وتمضى الكوفة تحت حكم زياد مبطنة معارضة شديدة، إذ أخذ كثير من أهلها يصطبغ بصبغة التشيع لعلىّ وبنيه. ويتوفّى زياد فى سنة ٥٣ ويخلفه على الكوفة عبد الله بن خالد بن أسيد، ثم الضحاك بن قيس الفهرى ثم عبد الرحمن بن أم الحكم الثقفى ثم النعمان بن بشير، ويتوفّى معاوية ويخلفه ابنه يزيد، فيضمّها إلى عبيد الله بن زياد والى البصرة. ويأبى الحسين بن على وعبد الله بن الزبير مبايعة يزيد بالخلافة ويخرجان من المدينة إلى مكة، فيكاتب أهل الكوفة الحسين، ويرسل إليهم بابن عمه مسلم بن عقيل فيبايعه اثنا عشر ألفا منهم. ويخرج إليهم الحسين، ويعلم فى الطريق أن ابن عمه اضطرّ إلى قتال عبيد الله بن زياد وأن أهل الكوفة تخلّوا عنه وأسلموه إلى عبيد الله، فقتله، وكان أول قتيل لبنى هاشم صلبت جثته، يعلم الحسين بذلك كله، ولكنه يصمم على المضى إلى غايته فيقتل وهو يقاتل جنود عبيد الله بن زياد بكربلاء على نهر الفرات فى العاشر من المحرم سنة ٦١ للهجرة. وتتطور الحوادث. فيتوفّى يزيد بن معاوية ويضطرّ عبيد الله بن زياد أن يغادر البصرة إلى دمشق. ويتلاقى الشيعة بالتلاوم والتندم على تقصيرهم فى حق الحسين ونفورهم عن نصرته، ويرون أنه لا يغسل عارهم إلا حرب من قتلوه وإلا التوبة مما فرط منهم، فسمّوا التّوابين، وولّوا أمرهم سليمان ابن صرد. ولم يلبثوا أن جمعوا آلة الحرب واتجهوا إلى الشام يريدون أن يثأروا للحسين، فالتقوا فى عين الوردة (رأس العين) فى وسط الجزيرة بجيش أموى على رأسه عبيد الله بن زياد ودارت الدوائر عليهم، وسقط سليمان فى المعركة، وكان ذلك فى ربيع الآخر سنة ٦٥. وعادت فلول الجيش الشيعى إلى الكوفة، وانتهز المختار الثقفى الفرصة، فدعا لمحمد بن الحنفية، وانضوى الشيعة تحت لوائه، واستطاع أن يستخلص الكوفة من والى ابن الزبير ويطرده منها، وأخذ


(١) طبرى ٤/ ١٩٣.
(٢) طبرى ٤/ ٢٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>