للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخضر، وقد قوّمت بألفى ألف دينار (١). ويروى أن الإصبهبذ فى طبرستان صالح يزيد بن المهلب فى بعض حروبه هناك على سبعمائة ألف درهم وأربعمائة ألف نقدا ومائتى ألف، وأربعمائة حمل زعفران وأربعمائة رجل، على كل رجل برنس، وعلى البرنس طيلسان ولجام من فضة وسرقة (شقّة) من حرير (٢). ويقال إن الجراح الحكمى واليها لعهد عمر بن عبد العزيز كان يتخذ تحت بساطه نقرا يملؤها ذهبا وفضة ويوزّعها على من يدخل عليه من أصحابه (٣). وكان الأمراء والدهاقين يقدمون على ولاة خراسان بالهدايا النفيسة، وقد قوّمت إحدى هداياهم لأسد بن عبد الله القسرى بألف ألف، وكانت قصرين: قصرا من فضة وقصرا من ذهب، وأباريق وصحافا من ذهب وفضة (٤). وكان الولاة بدورهم يرسلون بالهدايا إلى الخلفاء، ويروى أن نصر بن سيار أعدّ للوليد بن يزيد هدية من الجوارى والبراذين الفارهة وأباريق الذهب والفضة وتماثيل الظباء والسباع وأنه أرسل له بكثير من آلات الطرب (٥).

ووسط هذه الأمواج من الأموال تحضّر العرب فى خراسان، بل أترفوا ترفا شديدا، حتى لنرى بعض الولاة يقول إن فيئ خراسان لا يفى بمطبخى (٦)! ويقال إن يزيد بن المهلب كان يتخذ ألف خوان يطعم عليها الناس (٧). وتدل نصوص كثيرة على أن العرب تأقلموا هناك، فلبسوا السراويل والطيالسة والقلانس القصيرة والطويلة (٨)، واحتفلوا بعيد النيروز والمهرجانات، واختلفوا إلى سماع الطبول والمزامير (٩)، وشرب كثير منهم النبيذ حتى اضطرّ بعض الولاة لتفشيه فى الجند إلى أن يعاقب عليه بالقتل (١٠).

وفى كل مكان نجد آثار هذا الترف. وفى كتاب الأغانى تراجم كثيرة لمن كانوا يسرفون على أنفسهم فى شراب الخمر لا فى خراسان فقط، بل أيضا


(١) الجهشيارى ص ٤٤.
(٢) طبرى ٥/ ٢٩٥.
(٣) بلاذرى ص ٤١٥.
(٤) طبرى ٥/ ٤٦٥.
(٥) طبرى ٥/ ٥٣٣.
(٦) أغانى (دار الكتب) ١٤/ ٢٨١ وطبرى ٥/ ١٣٢.
(٧) طبرى ٥/ ٢٨٨.
(٨) لم يقف هذا اللبس عند عرب خراسان، فقد شاع بين عرب العراق وزهادهم. انظر ابن سعد ٥/ ١٣٩، ٥/ ٣٩٢، ٦/ ٢٠٢، ٦/ ٢٥٥.
(٩) طبرى ٥/ ٤٣٧.
(١٠) طبرى ٥/ ٢٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>