للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وواضح أنه يصف المرجئة بأنهم يستحلّون دماء المسلمين مما كان سببا فى تعقب الأمويين لهم، وقتلهم أحيانا على نحو قتل هشام بن عبد الملك لغيلان (١) الدمشقى.

ولم يعرف هذا المذهب فى العراق والشام فحسب، فقد كان له أنصار فى خراسان، ومن قدماء أنصاره هناك ثابت قطنة وهو من مرجئة الجبرية، وله قصيدة طويلة يصور فيها عقيدته، يقول فى تضاعيفها (٢):

المسلمون على الإسلام كلّهم ... والمشركون أشتّوا دينهم قددا (٣)

ولا أرى أن ذنبا بالغ أحدا ... م الناس شركا إذا ما وحّدوا الصّمدا

وما قضى الله من أمر فليس له ... ردّ وما يقض من شيء يكن رشدا

كلّ الخوارج مخط فى مقالته ... ولو تعبّد فيما قال واجتهدا

أما علىّ وعثمان فإنهما ... عبدان لم يشركا بالله مذ عبدا

ويتوفّى ثابت، ويظهر هناك جهم بن صفوان أحد رءوس الإرجاء (٤) ويضع يده فى يد الحارث بن سريج ويشعلان ثورة عنيفة على الأمويين، ويقضى عليها بعد صراع مرير.

وقد انبثق من مذهب القدرية مذهب جديد هو مذهب الاعتزال، وكانت المشكلة الأولى التى انبثق عنها هذا المذهب هى مشكلة مرتكب الكبيرة، إذ كان الخوارج يرون أنه كافر، بينما كانت المرجئة ترى أنه مؤمن، وكان الحسن البصرى ومن تابعوه من القدرية يرون أنه مؤمن فاسق فأظهر واصل بن عطاء القول بأنه غير مؤمن ولا كافر، بل هو فى منزلة بين المنزلتين. وأثار ذلك جدالا عنيفا بينه وبين أصحابه من القدرية، ودفع الحسن عمرو بن عبيد ليجادله فيه، فأقنعه واصل برأيه (٥)، وبذلك فارقا معا مذهب الحسن، وسميّا هما ومن


(١) انظر فى ترجمته لسان الميزان ٤/ ٤٢٤ والمعارف ص ٢٤٤ وفى هذين الكتابين أنه كان قدريا ولكن فى الفهرست ص ١٧١ والملل والنحل (طبعة لندن) ١٠٥ أنه كان مرجئا، ومن ثم فعداده فى مرجئه القدرية. وراجع فيه المنية والأمل لابن المرتضى والفرق بين الفرق ص ١٩٠.
(٢) أغانى ١٤/ ٢٧٠.
(٣) أشتوا: فرقوا. قددا: طرائق وفرقا.
(٤) انظر الملل والنحل ص ٦٠ حيث يوضح كيف أصبح رئيسا لفرقة تسمى الجهمية نبينا بعض أصول مقالتها.
(٥) انظر فى ذلك أمالى المرتضى ١/ ١٦٥

<<  <  ج: ص:  >  >>