للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأى المادح بما قدّم له من مديحه. فيهجوه ويسرف فى هجوه على نحو ما صنع الشّمردل بهلال (١) بن أحوز المازنى فارس تميم فى عصره غير مدافع. وقد يحجب الممدوح مادحه فلا يأذن له بلقائه، فيصبّ عليه نار هجائه، على نحو ما روى الرواة عن حجب مقاتل بن مسمع بن مالك لأبى جلدة الشكرى، فقد تولّى يهجوه بمثل قوله (٢):

قرى ضيفه الماء القراح ابن مسمع ... وكان لئيما جاره يتذلّل

وقد يمتدح الشاعر أحد العمال ويطلب إليه حاجة فلا يقضيها، حينئذ ينتقم منه بهجائه، على نحو ما كان من زياد الأعجم مع عبّاد بن الحصين، وكان على شرطة القباع والى ابن الزبير على البصرة، فسأله حاجة فازوّر عنه فهجاه وهجا عشيرته الحبطات طويلا، وفيها يقول (٣):

رأيت الحمر من شرّ المطايا ... كما الحبطات شرّ بنى تميم

وعلى هذا النحو أصبحنا نجد الأجواد والقواد والولاة الذين مرت بنا أسماؤهم والذين طالما مدحهم الشعراء يهجون كثيرا أو قليلا، فزياد وبنو زياد يهجوهم ابن مفرّغ، والحجاج يهجوه العديل (٤) بن الفرخ العجلى ومالك (٥) بن الريب التميمى. وفيه يقول (٦):

ولولا بنو مروان كان ابن يوسف ... كما كان عبدا من عبيد إياد

زمان هو العبد المقرّ بذلّه ... يراوح صبيان القرى ويغادى

وكان الفرزدق مولعا بهجاء كثير من الولاة والعمّال عصبية لقبيلته تميم


(١) أغانى (دار الكتب) ١٣/ ٣٥٨.
(٢) أغانى ١١/ ٣٣١.
(٣) البيان والتبيين ٤/ ٣٧ والخزانة ٤/ ٢٨٠.
(٤) أغانى (ساسى) ٢٠/ ١٣.
(٥) انظر فى ترجمة مالك الشعر والشعراء ١/ ٣١٢ وأغانى (ساسى) ١٩/ ١٦٣ والخزانة ١/ ٣١٧ ومعجم الشعراء ص ٢٦٥.
(٦) المبرد ص ٢٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>