للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شقيت بنو عبس بشعر مساور ... إن الشقىّ بكل حبل يخنق

ومرّ بنا ما كان من مهاجاة شبيب بن البرصاء الذبيانى وابنى عمه عقيل بن علّفة وأرطاة بن سهيّة ومهاجاة ابن ميّادة والحكم الخضرى، وكان فى ابن ميّادة (١) شر كثير جعله يهاجى كثيرين من مثل عقبة بن كعب بن زهير وعقال بن هاشم اليمنى وشقران مولى بنى سلامان.

وعملت بجانب هذه العصبيات أسباب شخصية كثيرة على اندلاع نيران الهجاء، فمن ذلك أن ينتصر أحد الشعراء لزميل فى تهاجيه مع زميل آخر، حينئذ يرميه بسهام هجائه، على نحو ما هو معروف عن جرير فى تهاجيه مع الفرزدق إذ كان كثير من الشعراء يقفون مع خصمه ضده. فكان ينصبّ عليهم شواظ نار. وقد يفاضل أحد الولاة أو الأجواد بين من يمدحونه من الشعراء فيزيد شاعرا فى جائزته على زميله أو زملائه، فيغضب المفضول، ويسقط بغضبه على من فضله كما مر بنا فى تهاجى المغيرة بن حبناء، وزياد الأعجم. وقد يبطئ الممدوح على مادحه بمكافأته، فيتحول إلى هجائه على نحو ما هجا الحزين الكنانى عمرو بن عمرو بن الزبير بقوله (٢):

مواعيد عمرو ترّهات ووجهه ... على كل ما قد قلت فيه دليل

جبان وفحّاش لئيم مذمّم ... وأكذب خلق الله حين يقول

وقد يحرم ممدوح مادحا له من نواله فيسرع إلى هجائه على نحو ما كان من عكرمة بن ربعى مع المتوكل (٣) الليثى، وقد لا تقوم مكافأة الممدوح فى


(١) انظر فى ترجمة ابن ميادة الشعر والشعراء ٢/ ٧٤٧ والمؤتلف ١٧٤ والأغانى (طبع دار الكتب) ٢/ ٢٦١ وما بعدها والاشتقاق ص ٢٨٧ والخزانة ١/ ٧٦ والموشح ص ٢٢٨.
(٢) أغانى دار الكتب ١٥/ ٣٣٨
(٣) انظر فى ترجمة المتوكل ابن سلام ص ٥٥١ وما بعدها وأغانى (دار الكتب) ١٢/ ١٥٩ ومعجم الشعراء ص ٣٣٩ وهو صاحب البيت المشهور: لاتنه عن خلق وتأتى مثله عار عليك إذا فعلت عظيم

<<  <  ج: ص:  >  >>