للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد القيس وكعب الأشقرى الأزدى، وكان زياد يهاجى أيضا المغيرة بن حبناء التميمى وقتادة بن مغرّب اليشكرى وابن عمه أبا جلدة (١). وقد يرتفع صوت فى أثناء هذا الضجيج باعتزال هذه الحرب اللسانية وما تطوى من عصبيات عنيفة على شاكلة قول نهار بن توسعة (٢):

أبى الإسلام لا أب لى سواه ... إذا هتفوا ببكر أو تميم

ولكن مثل هذا الصوت كان يضيع فى غمار هذه العصبيات التى استعلى سلطانها فى العصر استعلاء شديدا، وهو استعلاء سقطت منه آثار مختلفة فى جميع البيئات.

وقد قلنا فيما أسلفنا إن الكوفة شغلت عن العصبيات القبلية بتشيعها وخصومتها للأمويين، ومع ذلك فإننا نجد هناك الكميت بن زيد الأسدى يثير معركة حامية مع حكيم (٣) بن عياش الكلبى وهرون (٤) مولى الأزد، وكثيرا ما كانت تثار معارك بين شعراء العشائر والبطون، ولكنها على كل حال لم تحتدم هناك على نحو ما احتدمت فى خراسان والبصرة. وإذا ولّينا وجوهنا نحو المدينة وجدنا عبد الرحمن بن حسان بن ثابت يتهاجى مع عبد الرحمن بن الحكم الأموى هجاء مريرا (٥)، ويقال إنه هجا يزيد بن معاوية وشبّب بأخته رملة تشبيبا أحفظه، فأغرى الأخطل بهجائه، فجهاه وهجا قومه الأنصار، وأغضب ذلك النعمان ابن بشير، فتعرض للأخطل بهجاء عنيف (٦):

ويلقانا فى نجد هجاء كثير دار على ألسنة شعراء القبائل، ولعل من خير ما يمثله تهاجى المرّار بن منقذ الأسدى ومساور بن هند العبسى. ومن طريف ما للمرار قوله (٧):


(١) أغانى (دار الكتب) ١١/ ٣٢١.
(٢) الشعر والشعراء ١/ ٥٢١.
(٣) أغانى (ساسى) ١٥/ ١٢ ومعجم الأدباء ١٠/ ٢٤٧.
(٤) الحيوان ٧/ ٧٥.
(٥) أغانى (ساسى) ١٣/ ١٤١ والمبرد ص ٢٨٩.
(٦) انظر فى ترجمة النعمان بن بشير أغانى (ساسى) ١٣/ ١٤٧، ١٤/ ١١٤ وما بعدها والشعر والشعراء ١/ ٤٥٦ وقد طبع له ديوان على الحجر فى دهلى ونشره كرنكو مع ديوان أبى بكر بن العزيز.
(٧) أغانى (دار الكتب) ١٠/ ٣١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>