للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مواردها الاقتصادية، ولم تلبث بعد وفاة يزيد بن معاوية أن بايعت ابن الزبير فاصطدمت مصالح الطرفين الاقتصادية والسياسية. ولم تكد تتقدم بهما الأيام فى أثناء فتنة ابن الزبير، حتى سلاّ سيوفهما، واحتدمت المواقع بينهما، إلى أن دخلت قيس فى طاعة عبد الملك وتكافّت القبيلتان عن المغازى فى الجزيرة.

وفى هذه القبيلة وفى فرع منها يسمى جشم بن بكر وفى عشيرة من هذا الفرع تسمى بنى الفدوكس ولد الأخطل فى بادية الحيرة حوالى سنة ٢٠ للهجرة.

وكانت أمه مثل أبيه نصرانية، وهى من قبيلة إياد، ومن ثمّ نشأ نصرانيّا، وظل حياته على دينه، فلم يدخل فى الإسلام. وفى أخباره أنه كان يكثر الشّجار فى صباه مع زوج أبيه فلقبته دوبلا، والدوبل الحمار الصغير. وتزوج أبيه بامرأة غير أمه مخالفا بذلك العقيدة المسيحية يدل على أن نصرانيته كانت رقيقة، وكذلك كانت نصرانية ابنه، فإننا نراه يطلّق زوجته، ويتزوج بأخرى، كما نراه يتردد على دور القيان. وقد استيقظت فيه موهبة الشعر مبكرة، واقترن بها سفه شديد، فكان يكثر من هجاء الناس، ولذلك لقبوه أو لقبه شاعر عشيرته كعب بن جعيل الأخطل ومعناه السفيه. أما اسمه فغياث، وكان يكنى بأبى مالك وهو أكبر أبنائه.

ويحاول الاتصال بمعاوية وابنه يزيد، لينال جوائزهما وتواتيه الفرصة، فإن عبد الرحمن بن حسان بن ثابت كان يهاجى عبد الرحمن بن الحكم الأموى ويتعرّض لنساء بنى أمية. وكان ممن تعرض لهن رملة بنت معاوية إذ تغزل بها غزلا مفحشا، وبذلك كان أول من اتخذ الغزل سلاحا للهجاء السياسى، ومعروف أن الأنصار كانوا مغاضبين لبنى أمية منذ وقوفهم مع على فى صفّين.

وحاول يزيد بن معاوية نفسه أن يردّ عليه، فاستعلاه ابن حسان، فقال يزيد لكعب بن جعيل: أجبه عنى واهجه، فقال: «أرادّى أنت إلى الإشراك بعد الإيمان، لا أهجو قوما نصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنى أدلك على غلام منا نصرانى، كأن لسانه لسان ثور، يعنى الأخطل». فأرسل إليه يزيد، فقدم عليه، فقال له: اهجهم، فقال له كيف أصنع بمكانهم وسابقتهم

<<  <  ج: ص:  >  >>