ابن نويرة. وقد دخلت فى الإسلام بعد فتح مكة، وكانت من أسرع القبائل إلى الردة، إذ ظهرت فيها متنبئة تسمى سجاح. وتبعها كثيرون، فجمع لها أبو بكر الجموع بقيادة خالد بن الوليد. وسرعان ما عادت تميم إلى الإسلام، مستضيئة بنوره، وشاركت مشاركة ضخمة فى فتوح إيران وخراسان. ونجدها بارزة فى معارك صفّين، كما نجد فئات كثيرة منها تنضم إلى الخوارج فى زمن على بن أبى طالب، ثم فيما تلاه من أزمنة، وخاصة فى صفوف الأزارقة. وقد مرّ بنا أنها تحالفت فى البصرة مع قيس ضد الأزد وربيعة، وظهرت نتيجة هذا الحلف عقب وفاة يزيد بن معاوية، فقد اصطدمت بالأزد، وظلتا متنافرتين طول العصر لا فى البصرة فحسب، بل أيضا فى خراسان.
وكانت دارم تتشعّب شعبا أهمها بنو فقيم وبنو نهشل وبنو مجاشع، وفى بيت نبيل من بيوت العشيرة الأخيرة ولد الفرزدق وهو لقب لقّب به لجهامة وجهه وغلظه، فإن الفرزدقة الخبزة الغليظة التى يتخذ منها النساء الفتوت. واسمه همّام ابن غالب بن صعصعه بن ناجية بن عقال، وجميعهم فى ذروة الشرف والسيادة من دارم. وقد اشتهر جده صعصعة بأنه كان ممن فدى الموءودات فى الجاهلية وتنهى عن قتلهن، ويقال إنه فدى أربعمائة منهن، وقيل دون ذلك، ونوّه الفرزدق فى شعره بهذه المكرمة لجده طويلا، من مثل قوله:
أجار بنات الوائدين ومن يجر ... على القبر يعلم أنه غير مخفر
وكان لصعصعة قيون منهم جبير ووقبان وديسم، ومن ثمّ جعل جرير مجاشعا قيونا كذبا وبهتانا. وصعصعة أحد من أتوا النبىّ صلى الله عليه وسلم فى وفد تميم. وعلى نحو ما كان صعصعة عظيم القدر فى الجاهلية كان ابنه غالب فى الإسلام وأمه ليلى أخت الأقرع بن حابس، وكان بحرا فياضا، ومما يروى من جوده السّيّال أن نفرا اختاروه بين طائفة من الأجواد يسألونهم ليعرفوا مدى جودهم، فما كاد يسمع مسألتهم حتى أعطاهم مائة ناقة دون أن يعرفهم. ويروى أن دارما ويربوعا أصابتهما سنة مجدبة، فعقر لعشيرته ناقة، وبادر سيد يربوع سحيم بن وثيل فصنع صنعه، فنحر عشرا من الإبل، فنحر سحيم مثله عشرا.