للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طيب وحلى وثياب على نحو ما تصور ذلك معلقة امرئ القيس إذ يقول:

وتضحى فتيت المسك فوق فراشها ... نؤوم الضّحى لم تنتطق عن تفضل

ويقول المنخل اليشكرى فى فتاته (١):

الكاعب الحسناء تر ... فل فى الدّمقس وفى الحرير

ولم يقفوا عند جمالها الجسدى، فقد فطنوا إلى جمالها المعنوى وما تتحلى به من شيم وخصال كريمة، على نحو ما يقول الشّنفرى فى زوجه أميمة (٢):

لقد أعجبتنى لا سقوطا قناعها ... إذا ما مشت ولا بذات تلفّت

تبيت-بعيد النوم-تهدى غبوقها ... لجاراتها إذا الهديّة قلّت (٣)

تحلّ بمنجاة من اللوم بيتها ... إذا ما بيوت بالمذمة حلّت

كأن لها فى الأرض نسيا تقصّه ... على أمّها وإن تكلمك تبلت (٤)

أميمة لا يخزى نثاها حليلها ... إذا ذكر النسوان عفّت وجلّت (٥)

إذا هو أمسى آب قرّة عينه ... مآب السعيد لم يسل أين ظلّت (٦)

فصاحبته وقور خجول، لا يسقط قناعها فى أثناء سيرها ولا تلتفت حولها، وهى كريمة مؤثرة تؤثر جارتها فى الجدب بغبوق اللبن، وقد حصّنت بيتها عن كل لوم أو ذم يلحقها، وهى شديدة الحياء، ومن أجل ذلك لا ترفع رأسها عن الأرض فى مسيرها، حتى ليظن من يبصرها أنها تبحث عن شئ ضاع منها.

وإذا اعترضها شخص وكلمها أوجزت ومضت لقصدها وغرضها. وإن الحديث العطر عنها فى العشيرة ليملأ زوجها زهوا وخيلاء، إنها مثال العفة والجلال. وإنه ليرفعها عن كل شك وتهمة، فإذا أمسى وعاد إليها من المرعى أو بعد رحلته


(١) الأصمعيات ص ٥٥.
(٢) المفضليات رقم ٢٠.
(٣) الغبوق: اللبن الذى يشرب فى العشى.
(٤) النسى: الشئ المنسى أو المفقود. تقصه: تتعقب أثره. أمها بفتح الهمزة: قصدها. تبلت: أوجزت.
(٥) النثا: الحديث عن الشخص. الحليل: الزوج.
(٦) آب: رجع.

<<  <  ج: ص:  >  >>