للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنت الأمين أمين الله لا سرف ... فيما وليت ولا هيّابة ورع (١)

أنت المبارك يهدى الله شيعته ... إذا تفرّقت الأهواء والشّيع

فكلّ أمر على يمن أمرت به ... فينا مطاع ومهما قلت مستمع

يا آل مروان إن الله فضّلكم ... فضلا عظيما على من دينه البدع

وواضح أنه يزرى على أصحاب الأهواء الذين يحادّون بنى أمية من الزبيريين والخوارج والشيعة، ويسميهم أهل بدع وضلالة. ويتوفّى عبد الملك، فيلزم ابنه الوليد، ويظهر أنه كان يجفوه فى أول الأمر، فقد مرّ بنا أنه أمر واليه على المدينة أن ينزل به وبابن لجأ عقوبة صارمة. غير أن هذا لم يصرف جريرا عنه، فقد كان يلمّ به فى دمشق، وكان يراه يقرّب عدىّ بن الرّقاع، فهجاه، وحاول أن يستثيره، ولكن عديا آثر العافية. واستطاع جرير أن ينفذ إلى الوليد وأن يقع منه بعد ذلك موقعا حسنا بما دبّجه فيه من مدائح رائعة على شاكلة قوله:

إنّ الوليد هو الإمام المصطفى ... بالنّصر هزّ لواؤه والمغنم

ذو العرش قدّر أن تكون خليفة ... ملّكت فاعل على المنابر واسلم

ونراه يلزم ابنه عبد العزيز، ويقدم له مدائح كثيرة، حتى إذا عزم الوليد على تنحية سليمان أخيه عن ولاية العهد وتوليتها عبد العزيز رأيناه يحطب فى حبله بمثل قوله:

إذا قيل أىّ الناس خير خليفة ... أشارت إلى عبد العزيز الأصابع

وسرعان ما تتطور الظروف، ويتوفّى الوليد ويتولى سليمان، فيفد عليه مادحا، محاولا أن يستنزل عطفه عليه، بما يصوّر من تقواه ومن عدله وكيف أطلق من سجنهم الحجاج وكيف ردّ مظالمه عن أهل العراق وأحسن


(١) الهيابة: الجبان وكذلك الورع بفتح الراء.

<<  <  ج: ص:  >  >>