للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قبس النبوة لا يزال يتنقل فى على وأبنائه، وكفكرة أن ابن الحنفية هو المهدى المنتظر وفيه يقول:

هو المهدىّ خبّرناه كعب ... أخو الأحبار فى الحقب الأوالى (١)

ونراه يمتلئ حقدا على ابن الزبير حين رآه ينزل غضبه على إمامه ويحبسه فى سجن عارم بمكة، لدعوة المختار الثقفى له فى الكوفة وإخراجه واليه منها.

وكان ابن الزبير كما مرّ بنا قد عاذ بالبيت الحرام لعهد يزيد بن معاوية، فتوجه إليه كثيّر يقول:

تخبّر من لا قيت أنك عائذ ... بل العائذ المظلوم فى سجن عارم

وصىّ النبىّ المصطفى وابن عمّه ... وفكّاك أغلال ونفّاع غارم

أبى فهو لا يشرى هدى بضلالة ... ولا يتّقى فى الله لومة لائم

ونحن بحمد الله نتلو كتابه ... حلولا بهذا الخيف خيف المحارم (٢)

بحيث الحمام آمن الرّوع ساكن ... وحيث العدوّ كالصديق المسالم

وما فرح الدنيا بباق لأهله ... ولا شدّة البلوى بضربة لازم

وواضح أنه يسجّل على ابن الزبير خرقه لما فرض الإسلام من أمن لكل من لاذ بالحرم، حتى الحمام فإنه لا يحل صيده ولا التعرض له، ومع ذلك يتعرض ابن الزبير لابن الحنفية وصى على أو بعبارة أخرى وصى الرسول الكريم الذى يأخذ بأيدى العناة، والذى يتقى الله حق تقواه.

ويردّ ابن الزبير لابن الحنفية حريته، فيخرج عن جواره، ويلحق بعبد الملك فى دمشق، وكثيّر فى ركابه، فيكرمه وينزله منزلا عليّا هو وشاعره. ومن هنا نفهم الصلة التى انعقدت بين كثير وعبد الملك، فقد أصبح من مداحه،


(١) كعب: هو كعب الأحبار، كان ممن يقصون فى العهد الأول.
(٢) الخيف: ناحية من منى بمكة.

<<  <  ج: ص:  >  >>